كتب الناشط السياسي برهان بسيس تدوينة لتفسير الصعود المفاجىء لنبيل القروي محملا المسؤولية للطبقة السياسية في السلطة و المعارضة التي تحكم منذ تسع سنوات و أعتبرها مسؤولة عن تدمير حياة التونسيين.
و هذا نص تدوينته التي كانت بعنوان “صح النوم...”
حالة الارتباك التي أصابت الطبقة السياسية الرسمية بكل اطيافها بعد نتائج سبر الآراء مفهومة ولكنها غير مبررة…. مفهومة لأنها صفارة اعلان العد التنازلي لانهيار سلطة هذه المنظومة المنتصبة منذ 2011 بما يعنيه ذلك من كابوس انهيار شبكة المصالح و الامتيازات التي نالتها المنظومة الرسمية (الجامعة لجماعات الحكم و المعارضة) على حساب المجتمع و عموم التوانسة الذين لم ينالوا طيلة سنوات حكم منظومة ما بعد 2011 سوى البؤس و الحيرة و سقوط الأحلام الاجتماعية.
المنظومة لن تسلم بسهولة… و هذه قناعتي التامة، لأن مسألة السلطة بالنسبة لها قضية حياة او موت و هنا جوهر الخوف من المعركة القادمة على مستقبل البلاد….
بقى ان أخاطب الأصدقاء في المنظومة : عوض التمادي في التشكيك في نتائج سبر الآراء حان الوقت للالتفات الي المرآة للنظر في أسباب الخيبة التي للأسف تجاوزت خيبة منظومة و اصبحت خيبة وطن.
ستكتشفون حقائق يومية موحشة، تفاصيل متواترة للخيبة كل يوم، لا تمر ليلة دون أن تزداد الفجوة عمقا بين المنظومة و المجتمع…. سأعطيكم آخر ما جادت به تفاصيل الخيبة :
سيذهب التونسي المنحدر من الطبقة الوسطى التونسية، درة المكاسب التي حققتها دولة بورقيبة و حافظت عليها دولة بن علي، خزان العملية السياسية الانتخابية… سيذهب هذا التونسي المتوسط اليوم للطبيب سيجد ان سؤاله عن صحته أصبح عند طبيب عام يساوي الخمس و أربعين دينار و عند طبيب متخصص يساوي 70 دينار…..
هل تتخيلون ان هذا التونسي يهمه كثيرا حديث المنظومة عن المحكمة الدستورية والكتل البرلمانية و الهيئات المستقلة و الهايكا و الاصلاحات الكبرى و التطبيقات الإلكترونية و المجالس المحلية؟؟
رواد المستشفيات العمومية من فقراء تونس نسوا ذلك منذ سنوات و الآن يلتحق بهم بقية توانسة الطبقة الوسطى ذات الاغلبية الاجتماعية…
أصدقائي في المنظومة :
منذ سنتين و فيما كنتم تخوضون حروب النقاش السياسي البيزنطي القريب جدا من نقاش الاكليرج الأوربي في القرون الوسطى عن جنس الملائكة كان نبيل القروي في صمت يتجول من مدينة الي أخرى حاملا لتونسيين لم يستطيعوا يوما معايدة طبيب فيلقا من أطباء مختصين ليمنحهم الشفاء في تظاهرات دورية سماها قرى الشفاء،
في غفلة من انفصال منظومة فاشلة تتنفس بفانطازماتها المتعالية عن حقيقة حاجيات المجتمع كان بالإمكان ان يتسرب لا نبيل القروي الذكي فقط…. بل سيكون من المنتظر و الممكن و المفهوم للتونسيات و التونسيين ان يصوتوا بكثافة للعجل الذهبي الذي صنعه بنو إسرائيل لعبادته عوض رب موسى، يصوتون له و لا يصوتون لأي حزب من أحزاب المنظومة……