من بين الأشرطة الوثائقية الطويلة التي تضمنها برنامج مهرجان أيام قرطاج السينمائية ضمن المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة شريط الغياب المخرجة فاطمة الرياحي هذا الشريط يمكن أعتبار برمجته في أيام قرطاج السينمائية فضيحة لأنه يتعارض كليا مع روح المهرجان المعروف بدفاعه عن قضايا الحريات و التحرر الأجتماعي و الأقتصادي و استقلال الشعوب و نبذ العنف و التطرف فهذا الشريط الذي أنتجته قناة الجزيرة الوثائقية يصور قصة توفيق الذي تورط في القتال في البوسنة و تم ترحيله من بروكسال إلى تونس في 2003 بعد أنفصاله على زوجته البوسنية التي أنجب منها بنتين عادتا معه و تحجبتا – لا توجد في الشريط أي أمرأة غير متحجبة بما في ذلك المخرجة – و يحفل الشريط من خلال حديث توفيق بعبارات مهينة للمرأة فهي “مسكينة” و “ضعيفة” و في حين آخر يقول صديقه أنها مثل “الدلاعة” في إشارة على قدرتها الكبيرة على الإنجاب…!!!
نتفهم لو عرض هذا الفيلم في الدوحة أو إيران أو أفغانستان و هي الدول الوحيدة اليوم في العالم التي تتبنى خطاب الإسلاميين و تدافع عنهم أما ا ن يعرض في أيام قرطاج السينمائية أحد منصات التحديث و الحرية ليس في تونس فقط بل في العالم العربي و الإسلامي فهي فضيحة دولة حقيقية لأن المفروض أن يتم أحترام ميثاق هذا المهرجان الذي أسسه كبار المثقفين التونسيين زمن الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة فوجود هذا الشريط ضمن المسابقة الرسمية لأيام قرطاج السينمائية يؤكد أن آخر قلاع الدفاع عن التحديث و التنوير تسقط بين إيدي الإسلاميين المعادين لأي مشروع ثقافي و الغريب أنه تمت دعوة تلاميذ لمشاهدة هذا الشريط الذي يجمل الإرهاب و يهين المرأة…!!!
ليست هذه روح أيام قرطاج السينمائية التي نعرفها منذ خمسين عاما.