رغم الشعارات البراقة التي لا يختلف حولها أثنان مثل مقاومة التهرب الضريبي و غسيل الأموال و المتاجرة بمعاناة الفقراء و الجمع بين العمل الخيري و العمل السياسي و تمجيد أنتهاكات حقوق الأنسان رغم هذه الشعارات و “المبادىء” التي تضمنها تنقيح القانون الأنتخابي أمس في مجلس نوٌاب الشعب أستقبل هذا التنقيح بكثير من الأحتجاج و الاحتراز من معظم الناشطين و النخب الذين أعتبره مؤشرا على سعي الأئتلاف الحاكم (النهضة تحيا تونس مشروع تونس و التيار ) للهيمنة على البلاد و أبعاد كل الأطراف التي يمكن أن تكون منافسا جديا لهم فضلا عن ردود فعل الصحافة العالمية التي اجمعت على خطورة هذا التعديل…
فهذا الأئتلاف الحاكم يريد تغيير المشهد لحسابه قبل أسابيع من الأنتخابات. فقد أكدٌت أستطلاعات الرأي الأخيرة أن حزب نبيل القروي المفترض و حزب تعيش تونسي و عبير موسي يحتلان المراتب الأولى في نوايا التصويت و بالتالي لابد من أبعادهم بالقانون رغم أن الصياغة التي جاء بها القانون تنسحب منطقيا على حركة النهضة أيضا التي تملك مئات الجمعيات…!!
و بعيدا عن الجدل القانوني الذي أثارته هذه التنقيحات و ما يمكن أن يحدث من طعون و موقف الرئيس الباجي قايد السبسي منه فإن هذه التنقيحات لن تضمٌن للأئتلاف الحاكم الفوز في الأنتخابات.
فعدم ترشٌح قائمات لعيش تونسي أو خليل تونس أو الدستوري الحر لا يعني أن الشارع سيصوت للائتلاف الحاكم فهناك قوى سياسية أخرى خارج هذا الأئتلاف ستكون الرابح من التصويت العقابي و يبدو أن هذه التنقيحات ستكون لها نتائج سلبية على الأئتلاف الحاكم المتهم بالنزعة الديكتاتورية و الأقصاء بما يوسع في الهوة بينه و بين المواطنين المتعاطفين مع المقصيين !!
فقد علمنا التاريخ السياسي الحديث منه و القديم أن العديد من التشريعات الاقصائية طبقت على واضعيها بالذات و قبل المستهدفين الأصليين. فالسحر كثيرا ما ينقلب على السٌاحر و قد يكون هذا مصير الأئتلاف الحاكم ما لم يتم تسجيل تجاوزات في الانتخابات التي يبدو ان الأئتلاف الحاكم يريدها على مقاسه…!!
على أن رئيس الدولة يبقى أكثر من أي وقت مضى اللاعب و العنصر الرئيسي و المحدد للفترة القادمة و تحديدا قبل موعد تقديم الترشحات يوم 17 جويلية و امضاء دعوة الناخبين…
… فهل سيواصل قائد السبسي ذلك “التوافق الباريسي” المحموم… أم يضرب موعدا مع التاريخ لم يتجاسر عليه إلى حد الان… رغم الفرص الكثيرة و المتعددة التي اتيحت له على امتداد مدته الرئاسية إلا أنه أضاعها… و فوت فيها…