كتاب جديد صدر هذه الأيّام ليثري المكتبة التونسية في مبحث يعاني من فقر كبير وهو مجال الدراسات الموسيقية .الكتاب لمحمد عماد الزرقاء الذي عرفه عشّاق الموسيقى في السنوات الأخيرة في مجموعة من البرامج الإذاعية والتلفزيونية التي تعنى بالموسيقى وهو من عائلة موسيقية عريقة في مدينة القيروان والده شيخ المالوف الشهير حمودة الزرقاء . الكتاب بعنوان “الدّرجة الصفر من الموسيقى “صدر عن الدار التونسية للكتاب راجعه وقدّم له الدكتور لطفي عيسى والمقاربة الرئيسية التي يقدّمها عماد الزرقاء في هذا الكتاب هي علاقة الموسيقى بالتحولات الاجتماعية فالموسيقى ليست الأغنية كما شائع لدى عامة النّاس بل هي تعبير نفسي واجتماعي عن الانسان وهي تلخيص لتاريخ الانسان في أنفعالاته بين الفرح والحزن وهي مرتبطة بظهور الأنسان ما قبل ظهور وصناعة الآلة الموسيقية . ويقول الدكتور لطفي عيسى في تقديمه للكتاب “فقد أعتبر محمد عماد الزرقاء أن الظاهرة الموسيقية تضعنا وجها لوجه إزاء ما نعته جمال حمدان بعبقرية المكان “فالجغرافيا في تصوّره تصنع الموسيقى ؛بل وتشكّل مجالات نفوذها “ويضيف “بقي أن نعرف أن تأويل مؤلف هذا الكتاب لعلاقة الموسيقى بالحياة الدينية وبالأبعاد الوجدانية قد أستند إلى سيرورة مرت ضمنها الفنون من المعبد إلى البلاط ومن الكاهن إلى الملك ومن الدين إلى السياسة “ ويعتبر محمد عماد الزرقاء “ان الموسيقى هي الأنسان فهي تتطوّر حيث الفعل الإبداعي .لذلك يشكّل البحث فيها معرفيا أوعلميا خطوة أخرى أو فرصة جديدة على درب البحث عن سبل تطوير الأنسان بما هو كائن اجتماعي “ الكتاب صدر في أربعة فصول وكل فصل موزّع على مجموعة من الأبواب والفصول هي الموسيقى والإبداع والموسيقى المنظومة والموسيقى والمكان والموسيقى والمجتمع والمدينة. في الحقيقة هذا الكتاب كانت تفتقده المكتبة التونسية والعربية وكتبه الزرقاء بأسلوب سهل الفهم جمع فيه بين التاريخ والجغرافيا في علاقة بالموسيقى بما جعل من الكتاب دراسة أنتروبولوجية في الموسيقى . فمن العناصر التي توقّف عندها الزرقاء علاقة الموسيقى بالدين وعلاقة الموسيقى بالجريمة وعلاقة الموسيقى بالجنون والموسيقى وحركة شباب العالم 1960-1970والموسيقى والزنوجية الأفريقية وغيرها . الكتاب رحلةممتعة أمنّها محمد عماد الزرقاء للقرّاء وما نرجوه أن تحتفي المعاهد العليا للموسيقى بهذا الكتاب في مشهد ثقافي وأكاديمي يعاني من فقر معرفي كبير في مجال الموسيقى التي تمّ اختزالها في “العربون “والمهرجانات !