أونيفار نيوز – ثقافة نورالدين بالطيب تعقد اليوم لجنة الثقافة في مجلس النواب جلسة مع بعض مديري مراكز الفنون الدرامية لمناقشة مشروع قانون أساسي لهذه المراكز بعد تعميمها .
الدكتور محمود الماجري العميد السابق للمعهد العالي للفن المسرحي هو “أب “هذه المراكز عندما كان مديرا لإدارة المسرح أول التسعينات لكن مشروعه لم يكتمل وحاد عن أهدافه الأساسي حسب حديثه ل“اونيفار نيوز ” :
بدأ مجلس النواب مناقشة القانون المنظم لمراكز الفنون الدرامية والركحية في مجلس نواب الشعب ما هي الصيغة الأمثل حسب رأيك لهذه المراكز؟
هذا القانون تأخر كثيرا وهو ما جعل من هذه المراكز ذات عاهات مزمنة في مستوى التصورات والمشاريع والإضافات. قد تأتي إعادة مناقشته بحلول لكنني لا أنتظر معجزة في ظل التشريعات الثقافية التي لم تعد مواكبة للتحولات الاجتماعية والثقافية التي عرفتها البلاد منذ أكثر من ثلاثين عاما. طالما ليس للدولة تصور ثقافي شامل يحدد أهدافا واضحة للعشريات القادمة فلا أعتقد أن قانون للمراكز سيضيف شيئا سوى ما قد يساهم نسبيا في توضيح وترشيد طرق تصرفها المالي والإداري لا غير.
كنت أول من قدم تصورا وهيكلة لهذه المراكز قبل ثلاثين عاما لماذا لم يقع الأخذ به؟
في الأصل لم تكن فكرة المراكز منقولة عن التجربة الفرنسية كما يروج البعض لذلك دون تمحيص وتدقيق. الموضوع يطول في هذا الشأن لكن دعني أشير إلى أن هذه المراكز هي في الأصل وريثة حركة مسرحية في بعض الجهات وتأسيسها كان في نفس الوقت مكملا ومناقضا لفكرة الفرق الجهويةن فبينما كانت تلك الفرق تقوم على فكرة المسرح المتنقل من خلال الجولات المسرحية في كامل أرجاء البلاد كانت المراكز تطمح إلى التأسيس لمؤسسات مسرحية عصرية مرجعية في المدينة، وفي الجهة بصفة عامة، التي تحتضنها حتى يقوم المسرح بدوره الريادي في التكوين والإنتاج والتوزيع في كل الفنون الرحكية وفق تصور يراعي خصوصيات كل منطقة ووفق مقترحات جمالية مختلفة عن السائد المرتبط بهيمنة الرؤية المركزية. حاولنا في فترة أولى أن تكون المراكز إقليمية أي بين ولايتين أو أكثر لكننا اكتشفنا بسرعة أن التنسيق بين الولايات منعدم فركزنا على الجهة الواحدة في إطار شراكة بين وزارة الثقافة والولاية والبلدية باعتبار أن التنمية المسرحية هي أيضا شأن يندرج ضمن مخططات الجهة لكن العراقيل كانت أكبر من الحلم رغم استماتة وزارة الثقافة في الدفاع عن ذلك المشروع إلى حدود عام 1995، وبعد ذلك مرّ على الوزارة أكثر من وزير ولا أحد فيهم كان له مشروع في هذا الشأن.
إلحاق المراكز بالمسرح الوطني، هل هو الحل الأمثل؟
لا أعتقد أنه قرار يحل المشكلة. سيثقل كاهل المسرح الوطني بل سيجعله يحيد عن مهامه الأساسية وسيحوله إلى ما يشبه وزارة للشؤون المسرحية. تصور أن مدير العام المسرح الوطني سيصبح مسؤولا عن تعيين 26 مديرا للمراكز. كيف سيتم ذلك ووفق أي معايير؟ هل ستكون المراكز امتدادا لرؤية المسرح الوطني، وهل ستكون فروعا له في الجهات؟ المراكز في الأصل هي اعتراف علني بأن الجهات تتوفر على نخب ثقافية وفنية قادرة على أن تكون لها سلطة القرار حيث ما وجدت وما إشراف مؤسسة فنية مركزية مهما علا شأنها على هذه المراكز إلا نفي لما يزخر به الداخل من كفاءات وإبداعات. هذا القرار لو تم اتخاذه، وهو ما لا أتمناه، سيمثل عودة لتكريس ثقافة المركز على حساب الهامش الذي أثبت التاريخ أنه ليس هامشا.
كيف ترى صيغة الدعم الحالية في الإنتاج والترويج؟
لا بد من التأكيد قبل كل شيء على أن دعم الثقافة والمسرح على وجه الخصوص هو حق لا يجب التشكيك فيه ومن واجب الدولة أن تثبته في كل ميزانيتها بل عليها أن تراجعه في اتجاه الرفع فيه سنويا. لكن كيف؟ يجب أن يذهب الدعم المالي واللوجستي إلى الفنانين أصحاب المشاريع غير الربحية مع مراعاة توزيع يعتمد على سلّم أولويات بين الفنانين وحتى بين الولايات ذاتها. يجب على الدولة أن تشجع المشاريع الممتدة في الزمن وتنهي سياستها في دعم الإنتاجات المسرحية الموسمية لأنها إن ساهمت بهذه الطريقة في المحافظة نسبيا على المسرح في غرفة الإنعاش إلا أنها لم تقدر على شفائه من أمراضه المزمنة.
مسألة المسرح والتمويل العمومي في حاجة إلى رؤية واضحة وقرارات جريئة ودون ذلك ستستمر الإدارة الثقافية في الانحراف به عن أهدافه في رعاية الفنانين واكتشاف المواهب المجددة وتنمية المسرح لتواصل سياسة الزبونية التي وجدت نفسها أسيرة فيها بسبب عدم قراءتها للمتغيرات بروح ناقدة.