- التحقيق الإداري يورّط بعض الأعوان و يحمي الرئيس المدير العام من الإخلالات المفضوحة
- إحالة ثلاثة أعوان من مسؤولي البرمجة و البث النهائي في التلفزة على مجلس التأديب
تعمّدت الحكومة بشكل واضح تفادي إقالة الرئيس المدير العام لمؤسسة التلفزة التونسية بعد الهفوتين المهنيتين الفادحتين التي ارتكبتهما القناتان الوطنيتان الأولى و الثانية في الاسبوع الأول من شهر رمضان المبارك ببث برنامج ديني يمدح الرئيس بن علي و حرمه و آذان الصبح بدل آذان صلاة المغرب. و يبدو واضحا أن رئاسة الحكومة تحمي بشكل كبير الرئيس المدير العام للتلفزة بعد أن كان العصفور النادر الذي بحثت عنه لتعيينه في هذا المنصب الحساس عن طريق ما يسمى بالرأي المطابق للهايكا.
و ما يؤكدّ هذا الحكم القاطع والذي لا يقبل مجالا للشك فيه أن رئاسة الحكومة أنعمت على الرئيس المدير العام بتولي رئاسة مؤسسة الإذاعة التونسية بصفة مؤقّتة بعد استقالة عبد الرزاق الطبيب و ذلك منذ 7 مارس الماضي و سمحت رئاسة الحكومة و بإيعاز منها للرئيس المدير العام بالنيابة بإجراء تغيير جذري على مديري الإذاعات المركزية و الاذاعة الجهوية في صفاقس. و لئن لقيت هذه التعيينات استحسان جهات بعينها لكون المعينين الجدد هم من النساء فإن عددا كبيرا من العاملين في المؤسسة و المتابعين لشأن الإعلامي في البلاد تساءلوا عن سبب تغييب كفاءات من الرجال في الإذاعة التونسية و لو بطريقة التناصف حيث هم قادرون على التسيير و ينتظرون تمكينهم من الفرصة المواتية لإبراز قدراتهم.
حماية… و سيطرة…!!
و يبدو أن رئاسة الحكومة تسعى إلى الإبقاء على نيابة محمد الأسعد الداهش في الإذاعة التونسية إلى جانب مهامه في التلفزة تحقيقا لإدماج المؤسستين حتى تكونا تحت سيطرة واحدة خصوصا و أن الشخص يحظى بثقة لا محدودة من مصالح الإعلام لرئيس الحكومة و هي راضية على أدائه وفق ما هو مخطط له. و لذلك فقد تمسكت بعدم إقالته عند ارتكاب القناتين التلفزيتين الوطنيتين للهفوتين المشار إليهما في البرمج في الأسبوع الأول من شهر رمضان المبارك و اللتين كانا محل استهزاء المشاهدين و عموم المواطنين.
و كان سبق للحكومة أن اتخذت قرارات حاسمة عند ارتكاب التلفزة العمومية سنتي 2015 و 2016 لهفوتي بث رأس الراعي الشهيد مبروك السلطاني في نشرة الأخبار و عدم بث نشرة الأخبار الرئيسية في موعدها ،و أقالت الرئيسين المديرين العامين مصطفى باللطيف و إلياس الغربي.
و يرى متابعون للشأن الإعلامي في البلاد أن إقالة الرئيسين المديرين العامين المذكورين في تلك الفترة تعود أساسا إلى خلافهما مع مصالح الإعلام بالذات لرئيس الحكومة و ابتعادهما عن دائرة سيطرته حيث هما تحت حماية جهات أخرى و منها رئاسة الجمهورية و أحزاب نافذة غير حزب النهضة.
أما الرئيس المدير العام الحالي فهو من الذين يتمتعون بالحصانة من رئاسة الحكومة و حتى حزب النهضة الذي دافع عنه بعد ارتكاب هفوتي بث البرنامج الديني و الآذان الخاطئ وذلك على لسان القيادي عبد اللطيف المكي في تصريح لإذاعة جوهرة.
و قد استغل الرئيس المدير العام الحالي هذه الحظوة حتى يبعد عنه أي درجة من المسؤولية في تلك الهفوتين و هي مسؤولية ثابتة نتيجة عدم قدرته على إحكام تسيير المؤسسة بعد نحو 10 شهر من توليه المنصب. و سيتم قريبا إحالة ثلاثة أعوان على مجلس التأديب بعد أن اتجه التحقيق الإداري نحو توريطهما و تعمد إبعاد الشبهة عن الإخلالات في التسيير الإداري خصوصا و أن المشرفين على التحقيق هم من الدائرة المقربة لرئيس المؤسسة و التي يعول عليها في كل أمر وتدبير نظرا لما تربطه بها من علاقات سابقة زمن بن علي خصوصا في الشعبة المهنية للتلفزة التابعة الى التجمع الدستوري الديمقراطي أو في وكالة الإتصال الخارجي ثم و بعد الثورة في القناة الليبية التابعة إلى عبد الحكيم بلحاج في تركيا.