تونس – اونيفار نيوز كشفت جريمة جربة الارهابية عن معطى نبه له الكثيرون منذ سنوات وهو ضرورة كل الأنتدابات التي تمت في عهد حكومة الترويكا الأولى والثانية في أجهزة الأمن والديوانة خاصة إذ تم تغيير شروط الانتداب الصارمة في عهد بن علي من أجل حماية النظام الجمهوري والاستقرار بشروط أخرى أساسها الموالاة لحركة النهضة و”النفس الديني “وهو ما فسح المجال لألتحاق من لا يؤمن بالنظام الجمهوري بسلك الأمن والديوانة ومنفذ عملية جربة هو أحد هؤلاء الذين تم شحن رؤوسهم بثقافة التكفير والقتل .
ولكن ليس هذا فقط ما كشفت عنه جريمة جربة التي تنبهنا مرة أخرى إلى مخاطر التعليم الديني في مدارس ومعاهد يدعي أصحابها أنها مدارس ومعاهد شرعية على غرار مدرسة الرقاب ووكر القرضاوي وغيرهما من المؤسسات المنتشرة في كامل البلاد والتي تدعي تعليم القرٱن الكريم في حين أن دورها الأساسي هو نشر ثقافة التكفير وبناء مجتمع جديد على غرار باكستان وأفغانستان .
وإذا كانت جريمة جربة تثير حالة استنفار في وزارة الداخلية فإنها من المفروض أن تثير صيحة فزع في وزارات التربية والتعليم العالي والثقافة والشباب والمرأة فكامل المنظومة تحتاج إلى مراجعة شاملة .
فدور الثقافة اليوم تراجعت فيها الأنشطة الثقافية ونوادي السينما التي ربت أجيالا على ثقافة الجدل والعقلانية لم يبق منها إلا عدد لا يتجاوز الأصابع كما أنقرضت المكتبات المدرسية ونوادي الفنون في المعاهد الثانوية والمجلات والصحف الحائطية التي كانت تفسح مجالا للجدل بين التلاميذ والتعبير عن الرأي .
ثقافة الصمت والتلقين وانعدام الجدل مع ثقافة المدارس الدينية كل هذا أنتج وسينتج أجيالا من القتلة والتكفيريين الذين لا يمكن مواجهتهم بالسلاح ولا بالملاحقة الأمنية فقط فأقتلاع الإرهاب يجب أن يكون من جذوره وتصفية البيئة الحاضنة له .