في رده على محاكمة قتلة صالح بن يوسف اليوم و تصريحات نجل الشهيد صالح بن يوسف حول ضرورة إعادة الاعتبار لوالده، كتب الدكتور عبد الجليل بوقرة المختص في التاريخ المعاصر أن الدولة التونسية أعادت الاعتبار لصالح بن يوسف قبل ثلاثين عاما و هذا نص ما كتبه بوقرة حول محاكمة قتلة صالح بن يوسف :
“تابعت مثل العديد من التوانسة الندوة الصحفية لابن صالح بن يوسف و لمحامي عائلة بن يوسف، و أودّ بالمناسبة ان أسوق الملاحظات التالية :
– قتل صالح بن يوسف سنة 1961 كان جريمة دولة بكل المقاييس حيث اشترك في الإعداد لها و تخطيطها و تنفيذها مسؤولون في الدولة التونسية من كل المستويات.
– كان لتلك الجريمة تداعيات خطيرة على المستويين القريب و البعيد وكادت ان تدخل البلاد في متاهات دموية مكلفة، لذلك تبرّأ منها حتى أقرب مساعدي بورقيبة ومنهم عضده الأيمن آنذاك الباهي لدغم الذي لامه بورقيبة على تعليقه في مجلس خاص على تلك الجريمة “بأنّ صالح بن يوسف نال شرف أن يكون ضحية في الفتنة” مستدلاّ بقولة منسوبة إلى عمر بن الخطاب “اللهم إن قامت فتنة بين المسلمين فاجعلني من المقتولين و لا تجعلني مع القاتلين”.. و عاتبه بورقيبة على ذلك بأنّ كلامه لا يمكن ان يصدرعن رجل دولة…
– طلب د. لطفي بن يوسف ردّ الاعتبار لأبيه، في حين تم ذلك منذ حوالي ثلاثين سنة حيث أعادت الدولة التونسية رفاته من مصر إلى تونس و قضى جثمانه ليلة كاملة في مقر التجمع الدستوري (بالقصبة آنذاك) ثم دُفِن بمربّع الشهداء بالجلاز، و عادت أرملته إلى تونس و استقبلها رئيس الدولة آنذاك بن علي و تم تكريمها و عوّضت لها الدولة التونسية، و تم إطلاق اسمه على أحد شوارع العاصمة التونسية… و نًشِرت وقتها عديد المقالات و بعض الكتب تردّ الاعتبار لبن يوسف و لدوره في الحركة الوطنية (على سبيل المثال كتاب المنصف الشابي عن صالح بن يوسف)، و ألقِيَت عديد المحاضرات في هذا المعني (شخصيا شاركت في مسامرة رمضانية نظمها الحزب الديمقراطي التقدمي في رمضان 1988 بالقيروان عن “مؤتمر ليلة القدر” و أبرزت في مداخلتي الدور الكبير لصالح بن يوسف في إعادة بناء الحركة الوطنية بعد الحرب العالمية الثانية).. و لم يبق منذ ذلك الوقت الحديث عن صالح بن يوسف من “التابوهات” و تحرّرت الألسن و الأقلام للحديث في هذا الموضوع دون حرج أو خوف…
– طلب د. لطفي بن يوسف إعادة كتابة تاريخ تونس، و لا ادري ما هو مدى اطّلاعه على المنشور من تاريخ تونس و ما يعيبه عليه، إذ يبدو لي انه يعيد كلاما أكّدت الأيام انّه مجرّد “كلمة حق أريد بها باطل”.. و ادعوه بالمناسبة إلى قراءة ما نشره المؤرّخون التونسيون أو على الأقل ما كتبوه عن والده و بعد ذلك بإمكانه الحكم و تجنّب إطلاق الكلام على عواهنه..
– طلب د. لطفي بن يوسف بإلغاء أحكام الاعدام ضد والده، فهل لديه أدلّة جديدة تثبت عدم تورّط والده في جريمة محاولة اغتيال بورقيبة؟؟؟؟
– أخيرا حول المحاكمة و بقطع النظر عن الموقف منها و عن من يقف وراءه و توقيتها … فالسؤال هو لماذا لم يقع ذكر الطيب المهيري و وسيلة بن عمار، في حين يعرف القاصي و الداني ان دورهما محوري في الجريمة، و استثناء توفيق الترجمان سفير تونس ببرن و صهر وسيلة و الذي أقرّ بورقيبة بدوره في مساعدة القتلة على الإفلات من البوليس الأوروبي، مقابل الاقتصار على إدانة بورقيبة و زرق العيون و حسن الورداني و عبدالله الورداني و محمد بن محرز خليفة و حميدة بنتربوت… انه استثناء مريب قد يذهب بنا إلى تأويلات شتى لا نريدها….”