تونس – اونيفار نيوز الاقتصاد يكاد يصبح علما صحيحا، فالقرارات المتخذة من قبل الحكومات تؤدي إلى نتائج معلومة أو تكاد تكون محل تخطيط مسبق، ومن هنا فإن الذي يتصدر للحكم ينبغي له أن ينجح في تحقيق أمر أساسي وهو تحسين الظروف المعاشية فرديا وجماعيا بخلق الثروة ثم توزيعها المنصف لا العادل فقط.
أقول هذا وأنا الذي كنت دوما داعية للديمقراطية، ونشر حقوق الانسان، وسيادة الحريات جميعها، وفي مقدمتها حرية التعبير، ودفعت الثمن.
لذلك وبقدر ما استبشرت خيرا بالثورة، أو ما أسمي تجاوزا ثورة (لم يسبقها فكر، ولم تتقدمها نخبة، أو طليعة)، بقدر ما كانت خيبة الأمل بمثابة طعم الحنظل.
وإذ كان متوقعا أن تنتهي أول انتخابات حرة في أواخر 2011 إلى فوز المعتمدين كبرنامج على التلويح بالمظلومية، واستغلال ما تعرضوا له من تسلط، فقد نصحت حمادي الجبالي الذي كان مرفوقا بزياد الدولاتلي في بيت المرحوم مصطفى الفيلالي بالإحجام عن استلام السلطة بعد الفوز المنتظر آنذاك في الانتخابات.
وإذ قبل حسين الديماسي، وهو شخصية اقتصادية مرموقة، تولي وزارة المالية على أمل إقحام الإصلاحات الضرورية، فقد أفلت بجلده بعد أشهر قليلة، بعد أن تأكد لديه أن حزب النهضة، لا ينوي سوى اغتنام فرصة استلامه الحكم للإثراء هو وأتباعه.
10 سنوات أو تزيد عابت فيها أي سياسة اقتصادية أو اجتماعية، تستهدف تنمية البلاد، حكمت فيها النهضة مباشرة أو بالوكالة عن طريق الشاهد أو المشيشي من خانوا الأمانة وجافاهم الوفاء لمن عينهم، وارتموا في أحضان النهضة.
ومن معدل نسبة نمو بـ 5 في المائة سنويا في عشرية 2000 إلى 2010، وهي نسبة غير كافية وكان يمكن تحقيق أفضل منها على الأقل بنقطتين أو ثلاثة سنويا، تدحرجت تونس إلى نسبة نمو متوسطة في العشرية الأخيرة أو الإثني عشر سنة الأخيرة، إلى نسبة نمو بواقع معدل بـ 0،8 في المائة سنويا.
ما يعني انهيار مستوى المعيشة وانتشار الفقر وتدهور الطاقة الشرائية، وارتفاع نسبة البطالة إلى 18 في المائة، وكلها مؤشرات إفلاس سياسات الدولة، هذا فضلا عن تضاعف المديونية إلى ثلاثة أضعاف ما كانت عليه سنة 2010، ما يكبل مستقبل الأجيال المقبلة، في ظل وضع يعرف إحاطة رقبة كل تونسي، بمن فيهم من يولد اليوم بدين يبلغ 10 آلاف دينار.
**
ما من شك أن الوضع السيء اليوم، هو ميراث من السنوات العشر الأخيرة، فقد تراكمت ولا شك منذ 2011، الأوضاع السيئة وأسباب التقهقر الاقتصادي والاجتماعي، وبات التونسي في ضنك في معيشته، مضافا إلى دلك ما عرفته تونس من اغتيالات سياسية بقيت بدون تحديد لمرتكبيها رغم مرور عشر سنوات.
وإذ الوضع كذلك فلا يشفع، ما صاحب تلك السنوات العشر، من مظاهر ممارسة ديمقراطية ولو كانت منقوصة واعترتها هنات ليست بالقليلة، وانتهت لما نحن فيه اليوم، من ضبابية المشهد السياسي والاجتماعي، ومن تفرد بالحكم لا يمكن أن يتواصل أو يستمر، ويستدعي من رئيس الدولة أن يتنبه إلى خطره على البلاد، وبالتالي يسعى إلى تلافيه قبل فوات الأون إن لم يكن قد فات بعد. والسؤال الآن هل سيصل الرئيس قيس سعيد إلى غاية عهدت الرئاسية ه أم لا في ظل ظروف مهتزة، وفي حالة ما وصل لذلك وهو لا يبدو أمرا سهلا، هل سيكون متاحا له الترشح لعهدة ثانية، وكيف سيكون حال البلاد إذا ما تواصل حكمه لعامين آخرين، سواء سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعي، في ظل الاختناق الذي تعرفه البلاد؟