-
الاسلاميون لن يتخلوا عن حلم الخلافة وتطبيق الشريعة
-
الحركة النسوية مطالبة بنقد ذاتي
أونيفار نيوز – لقاءات نورالدين بالطيب لم تتوقف الدكتورة زينب التوجاني أستاذة الحضارة في كلية الٱداب والفنون والأنسانيات بمنوبة والمتخصصة في تحليل الخطاب الديني عن المساهمة في الشأن العام والأنخراط في الحركة النسوية بالتوازي مع مساهماتها الأكاديمية .
في هذا الحوار تتحدُث لاونيفار نيوز عن مجموعة من القضايا والأشكاليات .
تواضع الإقبال على الانتخابات هل تعني تبخر الحلم ؟
النساء لم ينزلن يوم 17 للصناديق لأنهن غير معنيّات ببرلمان شكلي ولأنه لا يعدهن بشيء ولا يهددهن بشيء، ستعود النساء بقوة حين يشعرن أن لأصواتهن معنى أي إما لاختيار مشروع يعنيهن أو لدفع خطر يهددهن. في أثناء ذلك حلم المواطنة والمساواة لا يتبخر أبدا، هذه مرحلة صعبة لها أسباب معقدة تتجاوز في جزء منها تونس، علينا أن نواصل التربية على المواطنة والمساواة والمسؤولية
كيف تقرئين ثورة النساء في إيران ؟
ثورة النساء في إيران نابعة من محصلة سنوات من قهر النظام الإيراني للنساء تحت مسمى الشريعة، ومنذ مقتل مهسا أميني لم تتوقف احتجاجات النساء ضد شرطة الآداب ومن أجل إحداث تغيير جذري في النظام .
لقد كان النساء مجبورات على عدم ارتداء الحجاب قبل مجيء الخميني وقد شاركن في الثورة الإسلامية وصار من شعاراتها في 79 “ضعي حجابك أختاه” وبعد صعود الحكم الإسلامي صار الحجاب فرضا إلزاميا وسن في 1983 قانون يسمح بجلد كل من لا تخضع لهذه الأوامر. لقد عانى النساء هذا الحيف وكذلك طيف واسع من الشعب الإيراني من المبدعين والفنانين والسينمائيين والصحفيين والشباب ، فثورة النساء ليست فقط مؤنثة بل هي في صميمها ثورة متعددة الأطياف وثقافية. منذ أسبوع واحد نزعت امرأة مسنة حجابها متحدية النظام الإيراني بعد إعدام ابنها في الساحة العامة. وهو الإعدام الثاني في غضون أيام قليلة.لقد قتل قرابة 251 شخصا في غضون شهور قليلة من سنة 2022، اتهموا جميعا بتهم من نوع تهديد الأمن العام، وجلهم شباب شارك في الاحتجاجات للتعبير عن غضبه من القمع والظلم المسلط عليه باسم أيديولوجية الدولة الدينية، فالاحتجاجات النسائية إذن في صلبها احتجاجات من أجل التغيير الجذري للقوانين والثقافة السائدة.
هل يؤشر ما يحدث في السعودية وإيران لنهاية الدولة الدينية ؟
الدولة الدينية انتهت منذ حدث البرجين، لكنّ المتواصل في الواقع هو تشبث بالسلطة باسم الدين، في السعودية ثمة إرادة سياسية واضحة للانفتاح والتقليل من ضغط الدين على الحياة الاجتماعية وإجراءات نحو تغيير العقليات والقوانين الخاصة بالنساء، وفي إيران لا يزال النظام يغمض عينيه على حقيقة الواقع المتغير ومطالب الشباب بالتغيير.
الدولة الدينية في إيران لا مستقبل لها كما لم يكن لها مستقبل تحت مسمى داعش، ولكن الفكرة لاتزال صامدة تراود بعض القوى التي انحسرت ولكنها يمكن أن تعود للبروز لو اجتمعت لها الظروف للعودة إلى الساحة السياسية. فإذن نحن أمام سقوط أنظمة تستغل الدين لكن فكرة الخلافة الإسلامية لا تزال قائمة ولا تزال حلما للإسلاميين.
هل تعتقدين أن صعود الإسلاميين إلى الحكم قوّى المعارضة المجتمعية ضدهم ؟
لقد كشف الحكم عجز النموذج الإسلامويّ وتناقضه مع الواقع، فممارسة الأحزاب السياسية ذات الأيديولوجية الإسلاموية للحكم كشف تناقضاتها وبعد شعاراتها عن الواقع وعرى ازدواجية خطابها ومصالحها أمام الجميع. ثم إن عجزها عن حل الازمات المتراكمة سرع بفقدان شرعيتها وجاذبيتها الشعبية.
الحركة النسوية في تونس عريقة لكن نلاحظ تراجع المكاسب مثل الزواج العرفي .النقاب الحجاب .تزويج القاصرات …كيف يمكن أن نفهم هذه المفارقة ؟
الحركة النسوية في تونس بدأت في التّسعينات ضمن تيّار اجتاح العالم، وكانت مساهمة في مواجهة الصّحوة الإسلامية والتيارات الاخوانية التي تهدّد مكاسب النّساء أولا، وكانت الدولة تميل طيلة التسعينات لدعم حقوق النساء على الأقل في مستوى الخطاب، وكانت تدعم تلك الحقوق تدريجيا بصفة تتفاعل فيها حسب الظروف مع مطالب الجمعيات النسوية وكان للدولة نفسها هياكل نسائية فضلا عن الخطاب الأيديولوجي المصاحب لما يسمى بنسوية الدولة.
بعد 2011 توقف النظام ذي الحزب الواحد وخرج إلى العلن ما كان النظام يبذل جهدا لاخفائه، أي تلك الممارسات الاجتماعية المنافية للخطاب العام عن حرية المراة وحقوقها، وتبينت في الواقع مشاكل عديدة تخص النساء خاصة العنف الزوجي والعائلي، والتمكين الاقتصادي والحق في النقل والصحة وتراجع دور الدولة في خضم الأزمة الاجتماعية وصعد صوت التيارات الإسلاموية بقوة ناشرين في كل مكان عام وخاص نموذجهم للنساء على الطريقة الإيرانية، لكن التصدي العام لهذا النموذج كان أقوى وانحسرت الدعوة الإيديولوجية دون أن تموت لان الهشاشة الاقتصادية للنساء وضعف الدولة وعدم حمايتهن تجعلهن دائما حلقة ضعيفة في المجتمع خاصة في أزمة خانقة كالتي نمر بها اليوم. خلاصة القول أن الحركة النسوية ساهمت في الحصول على مكاسب عديدة للنساء بالتفاعل مع النظام الذي كان بدوره يستخدم خطابا نسائيا ومع سقوط النظام ساهمت تلك الحركة في التصدي للمخاطر ولكن الظاهرة الإسلامية أكثر تعقيدا من أن تتمكن حركة نسوية وحدها من مجابهتها، ثم إن ما يسمى حركة نسوية في تونس ليست متجانسة وهي منشقة ومتصارعة في مابينها من ناحية الروافد والمصالح والأجيال، وهذا الأمر صحي لكنه أيضا يقلص فاعليتها. وأخيرا ما من مفارقة في وجود حركة نسوية في بلد ما وتراجع المكاسب المتعلقة بالنساء فيه، فالحركات النسوية توجد حيث تختفي حقوق النساء، وتتجدد تلك الحركة بتجدد الظروف لان حقوق النساء ليست ثابتة في أي مكان في العالم بل هي دائما عرضة للتهديد وبحاجة إلى دفاع دائم وحراسة مستمرة.
ما هي أولويات الحركة النسوية اليوم في تونس ؟
أولويات الحركة النسوية اليوم القيام بنقدها الذاتي. والمواصلة في محاولة تحسين حياة النساء وتقليل معاناتهن، تقوم الجمعيات النسائية بأعمال رائعة في مقاومة العنف وتقليل المعاناة ولكن جل هذه الجمعيات لا تزال بحاجة إلى نقد موجع للتقدم. وحتى أداء مؤسسات الدولة المتعلقة بالنساء بحاجة الى النقد الموجع.