قاضية مسيحية لبنانية تحكم منذ شهرين على ثلاثة شبان مسلمين حكما نادرا من نوعه ، و ذلك بسبب إساءتهم لمريم العذراء، فبدلاً من الزج بهم في السجن بتهمة ازدراء الدين، ألزمتهم بحفظ آيات من القرآن تمجّد العذراء وابنها السيد المسيح، وواردة برابع أطول سورة في الكتاب الكريم، هي “آل عمران” المكونة من 200 آية، وحفظا عن ظهر قلب.
الحكم الذي أثار ضجة إيجابية في لبنان ولاقى استحسانا من أعلى المستويات، أصدرته قاضية بمدينة طرابلس، جوسلين متى، وتأثر به رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، فأسرع الى منصته في “تويتر” وحياها بتغريدة على تويتر، إلى جانب كلمات كتبها رئيس الوزراء الأسبق، نجيب ميقاتي، في حسابه “الفيسبوكي” أمس السبت أيضا.
و المعروف عن “سورة آل عمران” احتوائها على آيات، يخص بعضها السيدة مريم و المسيح، بدءا بشكل خاص من الآية 33 الى الآية 59 من السورة، ومنها ما نقرأه في الآية 42 من التنزيل “وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ (42) يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (43).
كما ورد في الآية 45 : “إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45) وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46) قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (47) وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (48) وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (49).
ثم تأتي بعدها آيات غنية بتمجيد “رسول السلام” ومنها: “إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (55) إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59)
فالقانون مدرسة وليس سجناً فقط ، والقاضية جوسلين متى، هي من بلدة “عمشيت” البعيدة في الشمال اللبناني 37 كيلومترا عن بيروت، وحين مثل أمامها الشبان الثلاثة “بتهمة إهانة الأديان” لم تجد أفضل من أن تطلب منهم “حفظ قسم من القرآن الكريم من سورة آل عمران ليتعلموا تسامح الدين الإسلامي ومحبته للسيدة العذراء ، القانون مدرسة وليس سجناً فقط” وفق تعبيرها عند لفظ الحكم على من لم تطلق سراحهم إلا بعد أن سمعت كلا منهم يقرأ الآيات غيبا أمامها.
و من الذين تأثروا بحكمها، كان وزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد اللبناني، نقولا تويني، فوصفه بحضاري، وقال في تصريحه في وسائل إعلام محلية: ” نهنئ القاضية عليه ، كما يعتبر قرارا تأسيسيا يفتح مجالات قضائية مبتكرة لمعالجة المشاكل الاجتماعية وحالات التعصب الديني “.
تحية للقاضية جوسلين متى .. هذا هو المطلوب .