-
هناك تراجع مخيف لمكاسب المرأة
أونيفارنيوز -لقاءات نورالدين بالطيب للحب مجيء ثان …ٱخر أعمال الدكتورة بسمة بن سليمان الصادرة عن دار خريف بعد كتابيه الاكاديميين “الجسد والسرد “الصادر عن خريف أيضا و”الهوية السردية للبطل “عن الدار التونسية للكتاب .
كيف تحولت الدكتورة بسمة الباحثة الجامعية والناشطة النسوية من البحث الجامعي إلى الرواية وكيف ترى واقع الحركة النسوية ؟
أونيفار نيوز ألتقتها في هذا الحوار .
بدأت مسيرتك كباحثة لماذا اتجهت إلى الرواية ؟
اتّجاهي إلى الرّواية هو في الحقيقة عودة إلى ينبوع الشّغف الأوّل منذ عهد الصّبا وفيض من الخاطر فرض نفسه ليحرّرني ولو مؤقّتا من صرامة الدّراسات الأكاديميّة الّتي تقتضي انضباطا وإلزاما للقلم بنهج شديد الدقّة وحفرا في المراجع وطول أناة. فالكتابة الإبداعيّة لا توجب الفرقة مع الأحوال الشعوريّة وتسمح بالمصالحة بين الفكر والوجدان وتقرّب الذّات من الآخر عبر رسم شخصيّات فاعلة معبّرة ممكنة الوجود في الزّمان وفي المكان. وهذا ما يفضي إلى الاقتراب من الواقع الإنسانيّ بقدر التّحليق في سماء العوالم الممكنة. ولذلك فالرّواية في تقديري هي تأويل سرديّ لوجودنا ووسيط حامل لرسالة أصيلة تترجم رؤية وموقفا وتفتح سبيلا لفهم أعمق لذواتنا.
كيف ترين واقع الحركة النّسوية اليوم في تونس ؟
قد أكون انتهجت مسلكا مختلفا للتعّبير عن واقع المرأة وشواغلها في طيّات روايتي للحبّ مجيء ثان، ففي تقديري الشّاغل النّسوي لا يٌفترض به أن يوحي بصراع مع جنس الذّكور بل مع العقليّة الذكوريّة الّتي عزّزها التّشدّد الدّيني وما فرضه من دغمائيّة وتمييز في التّعامل مع حقوق النّساء، ولا أبالغ حين أقول إنّ عقد الاستعلاء الذّكوري وثقافة المجتمع الأبويّ متأصّلة أحيانا في عدد لا بأس به من النّساء أكثر من تأصّلها في الذّكور ذواتهم .
وأرى أنّ الواقع المتردّي للمرأة ليس مفصولا عن واقع الرّجل ولا عن وعيه ولا عن الهمّ الاجتماعي عموما، وهذا ما يدعوني إلى القول إنّ الحركة النّسويّة في تونس اليوم قد شهدت تراجعا وتشتّتا فهي إمّا مقصورة على الدّراسات الّنظريّة ومفصولة عن النّضال الميداني وإمّا موضة أو مصدر للتّموقع. ومع ذلك فهناك مسار جادّ وأصيل تراجع بإرادة سياسيّة وأضحى مفتقرا إلى الرّؤية الواضحة والمشروع الموحّد إذ تنقصه بالخصوص نجاعة التّنسيق بين مختلف المجالات الممكنة للحراك النّسوي كمجال التّربية والتّعليم ومجال الشّغل والعمل النقابيّ ومجال الحقوق وتشريع القوانين.
ماهو تقديرك لاعتبار القانون الانتخابي سيقصي المرأة؟
القانون الانتخابي يعكس وضعا سياسيّا ملتبسا ولا يفصح عن رؤية واضحة جامعة فقد انتقلنا بعد 25 جويلية من قوانين التّوافقّ على قاعدة الغشّ برفع شعار معا إلى قوانين الموافقة على أساس هشّ برفع شعار نعم. وهذا القانون في رأيي يدخل في باب ردّة الفعل المتسرّعة على تغوّل الأحزاب واستغلالهم لمبدإ التّناصف لتلميع الصّورة، فحزب حركة النّهضة مثلا كان الأكثر حرصا على التّناصف ولكنّه استخدم حضور النّساء استخداما شكليّا بل ضدّ حقوقهنّ بما فتح الأبواب على مصراعيها للزّواج العرفي وجهاد النّكاح والانقطاع المدرسيّ ومطالبة رهط من النّسوة بتعدّد الزوجات. ولذلك فإن مبدأ التّناصف عموما ليس هو الوحيد الضّامن لتمثيليّة منصفة للمرأة وداعمة لحقوقها، إذ يجب التّركيز على التّمثيل النوعيّ لا الكمّيّ فكم من امرأة كألف وكم من ألف كأفّ، وكم من رجال هم أكثر دفاعا عن حقوق النّساء من النّساء أنفسهنّ.
هناك تراجع للإسلام السياسي هل ترين ذلك؟ وكيف تقيمين عشرية ما يسمى ب”الثورة ؟
أعتقد أنّ إزاحة الإسلام السّياسي من مواقع القرار لا يعني تراجع خطره في المجتمع التّونسيّ، ولئن سلّمنا جدلا بأنّ الإسلام السّياسي هو الجمع بين الدّين والسياسة فإنّ ما يقوم به قيس سعيّد ليس ببعيد عن ذلك على الأقل في مستوى الخطاب والشّعارات. ناهيك وأنّه يتبنّى فكرة الصّعود الشّاهق في التّاريخ ويؤمن بقداسة حراك ثوريّ طهوريّ في عشريّة لم تقطع مع الاستبداد بل ما فتئت تدثّره بغطاء دينيّ يقوم على فكرة العادل المستبدّ.