أونيفار نيوز – ثقافة افتتحت امس الثلاثاء 20 سبتمبر 2022 فعاليات الدورة الأولى لمنتدى “إنسانيات” بمدرج قرطاج الحداثة بجامعة منوبة، الحدث العلمي والثقافي، الذي يجعل من تونس عاصمة للعلوم الإنسانية والاجتماعية.
وافتتحت الباحثة التونسية الفرنسية المتخصصة في التاريخ المغاربي جوسلين دخلية المحاضرة الافتتاحية لليوم الأول في مداخلة حملت عنوان “في انفساح الطريق: مسار تحرير في العلوم الاجتماعية” وعادت من خلالها جوسلين دخلية إلى مقاربات العلوم الاجتماعية الباحثة في علاقة المغرب الكبير بالغرب وكشفت في جانب منها عن المحطات الكبرى للبحوث والدراسات المتعلقة بالمجتمعات المغاربية ما بعد الاستعمار (المرحلة الكولونيالية) كما تناولت التغيير العميق في هذه المجتمعات في ظل السياقات العلمية الجديدة. ومن بين متغيرات علاقة الجنوب المسلم بالغرب مسألة التعريب والتي ترى جوسلين دخلية أنها لم تكون قرارا سياسيا فحسب فهناك أكاديميين دعموا هذا التوجه.
المحاضرة الافتتاحية لليوم الأول التي أدارها الجامعي عماد المليتي كان ضيفها الثاني الأكاديمي حسن رشيق ممثلا عن جامعة حسن الثاني بالدار البيضاء (المغرب) وجاءت مداخلته تحت عنوان “تحديات وموارد العلوم الاجتماعية في المغرب الكبير” وطرح خلالها مسألة محدودية الموارد البشرية والمادية في العلوم الاجتماعية مؤكدا أن التحدي الرئيسي يتمثل في ضعف هيكلة البحث وهيمنة الباحث المنفرد والمنعزل وآثاره السلبية على جودة المنشورات وكذلك على تطوير الأجندة العلمية فيما ربط التحدي الثاني بندرة الدراسات العامة النقدية حول حصيلة الممارسات الأكاديمية وإنتاج المعرفة في العلوم الاجتماعية.
وشدد الجامعي حسن رشيق على ضرورة التفكير بعيدًا عن المشاعر الإيديولوجية والسياسية مقرا بأن الخطر الكبير يكمن في إضفاء طابع إقليمي على العلوم الاجتماعية، بمعنى أن الباحثين يكتفون بالتعامل مع القضايا المحلية بمعجم محلي لا يفهمه إلا الباحثون المحليون.
وفي الجلسة الثانية من اليوم الافتتاحي لمنتدى “إنسانيات” والتي أدارتها الأستاذة مليكة ولباني ناقش خلالها عالم الاجتماع والمؤرخ الجزائري حسن ريمون “استخدام مفهوم الأزمة (الأزمات) في العلوم الإنسانية والاجتماعية” مذكرا بالأصول اليونانية لمصطلح “أزمة ” واستخداماته الحديثة في الاقتصاد والطب والتاريخ وغيرها من المجالات.
وسلط الأكاديمي حسن ريمون الضوء على “هيكل” الأزمة، الذي يكون في معظم الأوقات نتيجة للحركات الاجتماعية مشيرا في ذات السياق إلى المواقف المختلفة للفلاسفة من مفهوم الأزمة.
“القانون في حالاته المتأزمة” كان الموضوع مداخلة الأستاذة سناء بن عاشور حيث ربطت بين “قانون” ما قبل الأزمة و”قانون” ما بعد الأزمة وديناميكيات ما قبل الأزمة وديناميكيات التعديلات كما تناولت الأزمات، التي يمكن أن “تنير” القانون علما وأن كل أزمة تكشف عن “فجوة”، وبالتالي أي غياب في الاحتياجات الاجتماعية بعد حالة من “التردد” فالمسألة هي ترسيخ “مفاهيم” جديدة في القانون في كل مرة فيما يتعلق بهذه الأزمات المتعددة التي تؤثر علينا.
وفي اختتام جلسات اليوم الأول لمنتدى “إنسانيات” قدم الأستاذ هشام الريفي عرضًا لكتاب “استجماع الذاكرة من تاريخ الإنسانيات في الجامعة التونسية” وهو أثر فكري عن تاريخ العلوم الانسانية بتونس شارك في مضامينه عدد من الأكاديميين من بينهم عبد الجبار بسيس، حسين الجعيدي، نور الدين دوقي، رياض بن رجب، سامي بن عامر، سمير مرزوقي، خالد قصير، العربي شويخة، طاهر بن جيزة وغيرهم من الباحثين والجامعيين التونسيين.
سهرة افتتاح منتدى “إنسانيات” كانت فنية بمدينة الثقافة الشاذلي القلیبي أثثها “سلام” حاتم القروي ثم فيلم الجيلاني السعدي “عصيان” وهذا العمل السينمائي الأخير للمخرج التونسي كان قد حصد في سنة 2021 التانيت الذهبي لأيام قرطاج السينمائية في دورتها الثانية والثلاثين وتوج بالجائزة الكبرى (أفضل فيلم) بمهرجان قابس سينما فن 2022.
للتذكير فإن المنتدى الدولي “إنسانيات” من 20 إلى 24 سبتمبر 2022 ينظم ببادرة من جامعات منوبة وتونس وتونس المنار وبالتعاون مع مخابر بحث دولية وعدد من المؤسسات الجامعية والأكاديمية منها معهد البحوث المغاربية المعاصرة، “المجتمع ذو الاهتمام العلمي للشرق الاوسط والعوالم الإسلامية”، “جماعة البحث في الشرق الاوسط والعوالم الإسلامية” وعدد من الجمعيات الأكاديمية.