أعتبر الدكتور علية عميرة الصغير الباحث في المعهد العالي للتاريخ المعاصر التابع لجامعة منوبة أن حضور لعريّض و الجلاصي استفزاز للجامعة و للحس المواطني.
و جاء في مقاله :
ما وقع البارحة 26 افريل 2019 في كلية الآداب بمنوبة أثناء ندوة “علميّة” و ما تخللها من مشادة كلامية و طرد للقياديين النهضويين أسال الكثير من الحبر خاصة من الوسط الجامعي فمن المندّد و من المساند و يهمّني كأستاذ جامعي أن أبدي بعض الملاحظات في الموضوع :
1- الجامعيون الأحرار ناضلوا افرادا و نقابيين لتكريس الحريات الأكادمية و ليس الآن أن يتراجعوا عن موقفهم المبدئي فيها،
2- الجامعة فعلا هي منفتحة على محيطها و على محبّي المعرفة لكن ليست اسطبلا يِؤمّه من يريد، ككل الجامعات في العالم الحر،
3- كل المباحث تاريخية و ادبية و قانونية و فلسفية…هي من صلب البحث الجامعي و من واجباته الخوض فيها ومنها طبعا موضوع الندوة العليمة المنظمة البارحة حول الدين تحت عنوان “الاسلام السياسي في تونس بين المرجعيّة الإخوانية و الخصوصيّة التونسيّة”،
فقط اين الخلل؟
لنذكّر اولا لذوي الذاكرة القصيرة انّ كلية الآداب بمنوبة عاشت سنة 2012 زمن حكم النهضة و حكم وزيرها للتعليم العالي المنصف بن سالم و زمن وزير داخليتها علي لعريض غزوة من “السلفيين” يدعمهم طلبة النهضة عطلوا فيها الدروس و انتهكوا حرمة الجامعة واعتدوا على اساتذتها وحاولوا نزع راية البلاد من على بابها وتعويضها بعلم داعش و عمل وزير التعليم العالي النهضاوي على جر العميد الكزدغلي امام المحكمة بتهمة ملفقة ولم يفلح، هذه الغزوة التي حضرها أبو عياض كانت تحت حماية بوليس علي لعريض وسلطة المنصف بن سلم !
ثانيا: تعيش تونس و خاصة نخبها الشبابية والمسيّسة اولهم الطلبة حالة من الإحتقان والغضب ضد الوضع العام في البلاد وفي الجامعة ويحمّلون المسؤولية- عن حق- للنهضة و لحلفائها في الحكم خاصة و ان ملفات حارقة ماتزال عالقة وتشغل الجميع اولها “الجهاز الخاص” المنسوب للنهضة وعديد الملفات التي تُقبر تباعا كملف الاعتداء على دور الاتحاد و ملف الاعتداء على متظاهري 9 افريل 2012 و ملف الاغتيالات و ملف تسفير الارهابيين…و كلها متورطة فيه النهضة ،وحضور قياديين منها في ندوة علمية كهذه أمام طلبة، مصيرهم مجهول، لن ينتج الا ما انتج،
ثالثا: كان ليس من الضروري حضور لعريّض والجلاصي لندوة يُثار فيها موضع الإسلام السياسي فهناك من الجامعيين ومن الطلبة المتطوعين للدفاع عن رؤاهما فيها ، طمعا او قناعة، خاصة وانّ القياديين النهضويين ليست لهما صفة جامعية و لا علمية لإثراء محتمل للموضوع المطروق،
ما مغزى حضور لعريض و الجلاصي بالكلية اذن؟
هو فقط تأكيد على أنهم ( الاسلاميون) بدؤوا يسيطرون على الجامعة و رمزية كلية منوبة هي المستهدفة و الا كيف أن نائبي رئيس حركة النهضة يتركان مهامهما ليتحولا للاستماع لمحاضرين لن يزيدوهم معرفة لما هما من صنّاعه ( الإسلام السياسي)؟. هي غزوة رسميّة هذه المرة.
من هنا نتفهم ردود ناشطي الاتحاد لعام لطلبة تونس في اصرارهم على طرد القياديين النهضويين من حرم الجامعة و ان كنّا نحبّذ انه تم التدخل العلمي الرصين لنقاش موضوع الندوة و تبيان بالدليل الواضح أنّ حركة النهضة ولدت إخوانية و مازالت إخوانية و أنها لم تتونس في شيء و أن الفكرالذي تربِّي عليه أتباعها مولد حتما للإرهاب و الكراهيّة وأن ممارستها منذ وصولها الحكم تطبّق ما تقوم عليه كل حركات الاسلام السياسي و التي لم تخلّف لتونس الا الخراب الاقتصادي وانعدام الأمن و غرس الإرهاب الفاعل و الكامن.
الدكتور عميره عليّه الصغيّر