أعلن المخرج “المنصف بربوش” أنه انطلق في تصوير فيلم يروي جوانب من حياة المناضلة بشيرة بن مراد و يتضمن الفيلم شهادات عن مشاركة هذه المرأة في الحراك الذي عرفته البلاد خلال النصف الأول من القرن العشرين.
و يذكر أن بشيرة بن مراد ولدت سنة 1913 و توفيت سنة 1993 و هي رائدة الحركة النسائية في تونس و أسست سنة 1936 الاتحاد الإسلامي النسائي التونسي الذي كان يهدف إلى تعليم الفتيات و جمع التبرعات لفائدة طلبة شمال إفريقيا الذين يدرسون في فرنسا. كما ترأست عدة اجتماعات رفقة الحبيب بورقيبة و فرحات حشاد و تدخلت في اجتماعات سياسية لإلقاء خطب حماسية تحث الرجال و النساء على المقاومة.
و تعرضت بشيرة بن مراد إلى الإيقاف عدة مرات من قبل الشرطة الفرنسية و لم تمنعها الظروف السياسية و الاجتماعية آنذاك من زيارة عدد هام من المدن لتأسيس خلايا نسائية و فروع تابعة للإتحاد النسائي الاسلامي و قد قام المستعمر بحبسها في “الحمّام السوري” ليتّقي “شرّها ” و يمنعها من الاتصال بالناس و تحريضهم على النضال ضدّه.
و يشهد التاريخ أنها كانت مؤسسة لأول اتحاد نسائي و سنها لم يتجاوز بعد الثالثة و العشرين.
و تفيد دوائر قريبة من “المنصف بربوش” الذي يتولّى إنتاج هذا الفيلم و إخراجه أنه راسل وزارتي الثقافة و المرأة للحصول على نصيب من دعمهما في إنتاجه خاصة أنه لا يقوم بهذا العمل لنفسه بل للمجموعة الوطنية باعتبار أن هذه المرأة كانت من أحد الرموز الوطنية و أن الذاكرة الوطنية لا تحمل لها الكثير من “التوثيق” الذي يروي نضالاتها إلا أن الوزارتين (ويا للصدف العجيبة) لم تكلّفا نفسيهما حتى عناء الردّ عليه مهما كانت طبيعة الرد ولعلّ الجهة الوحيدة التي ردّت على الأقل هي الاتحاد الوطني للمرأة التونسية الذي أعلم المنتج و المخرج بأن ظروفه المادية لا تسمح بالمساهمة المادية بالرغم من الرغبة في ذلك لأن هذا الفيلم سيبرز إحدى المناضلات التي كانت وراء تأسيس أول اتحاد نسائي تونسي.
و أشارت نفس الدوائر إلى معضلة أخرى في لجنة القراءة بوزارة الثقافة إذ يقول بعضهم إن فيها بعض الأعضاء لا “يحبّون” السيناريوهات المكتوبة باللغة العربية فرفضوا دعم الفيلم لأن السيناريو مكتوب بلغة الأجداد و لغة البلاد ؟؟؟.
و من جهة أخرى أفاد المقربون من المخرج بأن هذا الأخير ورغم الإحباط الذي أصابه جرّاء تصرّف الوزارتين ييأس و لم يرم المنديل بل راسل من جديد مطالبا بمنحة “تكملة الإنتاج”…
و هو ينتظر هذه المرة موقفا إيجابيا يساهم في إنتاج هذا الفيلم الذي يخاف المطّلعون على أسراره أن يحبس مثلما حبست بشيرة بن مراد في “الحمّام السوري”.