أونيفار نيوز – القسم السياسي تبرأ كل من الصادق بلعيد وأمين محفوظ وإبراهيم بودربالة من الدستور الذي نشره الرئيس قيس سعيد يوم 30جوان والذي سيدعى الشعب التونسي للاستفاء عليه يوم 25جويلية القادم وبذلك يخسر سعيد آخر مناصريه الذين ساندوه وبرروا له كل أجراءاته .
الدستور الجديد لم يكن مخالفا لروح المشروع الذي قدُمته لجنة العميد الصادق بلعيد فقط بل تضمٌن فصولا وأبوابا تقودنا إلى تأسيس دولة دينية فالتنصيص على “المقاصد الإسلامية “و “الآداب العامة “من شأنه أن يفتح الباب لدولة “المرشد “كما التأكيد على “الانتماء “للأمة الإسلامية يجعلنا نتساءل عن علاقتنا بدول مثل أفغانستان التي تحكمها طالبان وصعود تيارات فاشية إلى الحكم في دول أخرى يجعلنا الدستور في علاقة معها بأسم هذا الانتماء في الوقت الذي تجاهل فيه دستور سعيد أهم نقطة أنتماء وهو المتوسط مجالنا الجغرافي والحضاري والتاريخي .
وفي الحقيقة هذا التمشي في الدستور ستكون له تبعات خطيرة جدا خاصة أنه أقترن بمصطلح آخر وهو “الآداب العامة “فبأسم الآداب العامة قد يمنع الاختلاط وبأسم الآداب العامة ستغلق المقاهي أمام المفطرين في رمضان وقد يقع التنكيل بهم وقد يمنع الخطيب من الظهور مع خطيبته أو يطارد المصطافون لأن “الآداب العامة “تفتح الباب للتأويل وللفاشية فالحريات الفردية مهددة بجدية في هذا الدستور الذي يتعارض مع روح تونس وتقاليدها وطبيعة مجتمعها.
ويظهر هذا من توطئة الدستور التي تجاهل فيها قيس سعيد الأرث الأصلاحي لتونس من دستور قرطاج إلى دستور عهد الأمان إلى دستور 59 وصولا إلى دستور 2014 فتاريخ تونس حلقات مترابطة ولم يبدأ مع 25جويلية فالمفروض أن تنص التوطئة على الأرث الأصلاحي التونسي وتنزيل هذا الدستور في سياق المسار الأصلاحي بعيدا عن اللغة الثورجية و”جحافل الشهداء “وكأن بن علي أو بورقيبة كانا دمويين .
لقد صاغ قيس سعيد دستورا على مقاسه ورؤيته المحافظة وتصوره للحكم ولكن السؤال كم سيستمر هذا الدستور الذي سيبدأ العمل به بعد الاستفتاء مباشرة مهما كانت النتيجة إذ لم يطرح الأمر الرئاسي بنشر الدستور في الرائد الرسمي أمكانية رفضه .
الواضح أن قيس سعيد بصدد تركيز نفوذه عبر سياسة الأمر الواقع مستغلا نفور الناس من الطبقة السياسية التي حكمت البلاد طيلة عشر سنوات هي الأسوأ في تاريخنا وهذا سر شعبيته فالقضايا المثارة اليوم حول الحريات والديمقراطية تبقى قضايا نخبوية لا تعني إلا قلٌة من الناس.
اونيفار نيوز