-
اتحاد الشغل في عين العاصفة
-
9 جوان صدور الحكم الاستئنافي حول شرعية المكتب التنفيذي
-
دعوات أنصار سعيد باسترجاع الأموال؛ إنهاء التفرغ و الخصم الآلي….!!!
تونس – اونيفار نيوز : كتب مصطفى المشاط تطوّر جديد في الصراع القائم منذ أسابيع بين قصر قرطاج و ساحة محمد علي تجسد في المواجهة الكلامية ، عن بعد ، بين رئيس الجمهورية قيس سعيد و الامين العام للإتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي و التي مثّلت إلى جانب عزل 57 قاضيا الحدث الأبرز في اليوم الاول من شهر جوان الذي جاء ليعلن أن صيف هذا العام سيكون شديد الحرارة سياسيا.
فقد تزامن هجوم رئيس الجمهورية على اتحاد الشغل مع إعفاء عدد من القضاة لتمثل رسالة واضحة مفادها ان قيس سعيد سيستعمل “سلاح المراسيم” ضد الجميع و أيضا ضغطا معنويا على القضاة من شأنه أن يجعلهم أكثر انخراطا في سياسات رئيس الجمهورية.
و هنا لا يمكن ان ننسى أن الأسبوع القادم ، و تحديدا يوم الخميس 9 جوان موعد إصدار الحكم الإستئنافي المتعلق بابطال مخرجات مؤتمر الاتحاد الأخير و في صورة الحكم ببطلان هذا المؤتمر فان المكتب التنفيذي الحالي يصبح ” غير شرعي” .
و لا يملك قيس سعيد هذه الورقة فقط بل ان ” ماكينة ” أنصاره تشتغل منذ مدة في عملية استهداف للاتحاد العام التونسي للشغل متهمة قيادته بالفساد و داعية إلى تدقيق مالي و انهاء التفرغ للعمل النقابي و ايضا استرجاع اموال الصناديق الإجتماعية المتخلدة بذمة المركزية النقابية.
واضح أن القطيعة قد أصبحت كاملة بين قصر قرطاج و ساحة محمد علي منذ ان أعلن الإتحاد موقفه الرافض للانخراط في بناء ” الجمهورية الجديدة ” التي يعتبرها قيس سعيد مشروعه الأكبر و دليلا على أنه يكتب التاريخ .تحول حلفاء الأمس إلى أعداء اليوم يطرح أكثر من سؤال حول آفاق هذه المواجهة و التي لا تبدو غريبة عن تاريخ تونس الحديث .
فقد شهد الحكم البورقيبي ثلاث مواجهات على الاقل .كانت الأولى في الستينيات و لم تكن بحدة مواجهة جانفي 1978 التي أدت إلى اضراب عام رافقته أحداث عنف أليمة و كانت المواجهة الثالثة سنة 1984 .
و قد حاولت حركة النهضة منذ ان آلت اليها الأمور حشر الاتحاد العام التونسي للشغل في الزاوية سنة 2012 و خططت ، دون أن تنجح ، في دفع ميليشيات ما يعرف بروابط حماية الثورة لاقتحام المقر المركزي للاتحاد العام التونسي للشغل و تنصيب قيادة موالية لها .
مواجهة اليوم بين قرطاج و ساحة محمد علي لها سياق فيه شيء من الخصوصية .ذلك أن الاتحاد العام التونسي للشغل ليس في أفضل حالاته إذ انعكست مطلبيته في هذا الظرف بالذات على صورته لدى الرأي العام؛ علاوة على أن صراعاته الداخلية قد اضعفته.
هذا دون أن ننسى أن عددا من الفاعلين المؤثرين يعتبر أن ” تقليم اظافر ” المركزية النقابية من شأنه أن يفتح الباب امام اقرار ” الاصلاحات الموجعة” و إلى اعادة هيكلة الحياة السياسية بطريقة تجعل الاحزاب هي المعنية لوحدها بالشأن السياسي و هو ما يعني ان بعض القوى الدولية المؤثرة في المشهد التونسي يمكن ان تنظر بعين الرضى لاستهداف الإتحاد العام التونسي للشغل. و لكن هل يملك قيس سعيد القدرة الفعلية لاستهداف المركزية النقابية. بقطع النظر عن النتائج الآنية فقد فشل الحبيب بورقيبة في السابق في تطويع الاتحاد بل كان الإتحاد العام التونسي للشغل يعود اقوى من ذي قبل فما بالك مع قيس سعيد الذي لا يملك آلة حزبية قوية يمكن أن تسنده و لا أيضا منسوب ثقة كبير في الداخل والخارج يمكن أن يوفر له دعما في معركة لا يمكن ان لا تكون لها تداعياتها على علاقات تونس الخارجية .
لقد كان استهداف ” اتحاد الخراب ” كما يسميه انصارها من أهم مشاريع حركة النهضة منذ سنة 2012 و لكنها اصطدمت بجدار سميك لا تؤثر فيه الحروب الكلامية و لا الميليشيات الفايسبوكية و هو ما جعلها تتراجع .
فهل ينجح قيس سعيد حيث فشل الآخرون؟ منطقيا لا …و لكن زمن اللامنطق قد تكون له أحكامه.
مصطفى المشاط