في الوقت الذي يعيش لحظات حرجة سياسيا , اختار الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ان يوفد الباحث “جيل كيبل ” الى تونس في مهمة لم يتسرب عن تفاصيلها الشيء الكثير خاصة و ان “المبعوث الرئاسي ” تجنب الصحافة التونسية و لم تكن له لقاءات اخرى خارج اللقاء مع الرئيس قيس سعيد و رئيسة الحكومة نجلاء فتحي.
تزامن هذه الزيارة مع امكانية مغادرة ماكرون دورا ثانيا مفتوحا على احتمالات عدة ماري لوبان , و عدم اضطلاع “جيل كيبل ” باي مسؤولية رسمية في الرئاسة الفرنسية طرح عدة أسئلة يمكن ان تجد جوابها في التوقف عند بعض ما يميز “المسيرة الأكاديمية ” لكيبل الذي اختار منذ 1974, و هو في الحادية و العشرين من العمر , ان يتحول الى “مستعرب ” يتقن اللغة العربية و يهتم من خلال الإقامة المطولة في العواصم العربية بالتحولات التي تعيشها المجتمعات العربية .انطلقت الرحلة من دمشق لتتواصل في القاهرة أين درس جيل كيبل الحركات الاسلامية وتحديدا حركة الاخوان المسلمين و يبدو حسب بعض المصادر ان “جيل كيبل ” لم يكن يتصرف بشكل فردي و لم تحركه الاعتبارات العلمية فقط بل كان يحظى بحماية جهاز المخابرات الفرنسية التي “ساعدها ” في الاقتراب من خفايا الإسلام السياسي بعد ان سبقها الامريكيون لذلك .
و هذه الإحاطة سمحت لجيل كيبل بالتفرغ لإنجاز عدة دراسات و هو ما ساهم في توسيع شبكة علاقاته و في زيادة “تأثيره ” فكان أحد منظري الربيع العربي و داعية ل”تذويب الحركات الإسلامية في الديمقراطية ” .
و ساهم تركيزه على “إسلام الضواحي الباريسية ” في زيادة دوره في “مطبخ القرار الفرنسي ” و في لفت أنظار قطر المعنية باختراق الضواحي و تحريك ورقة الوجود الإسلامي في فرنسا لفائدتها فالحقته ب”اللوبي القطري في باريس ” .
هذه المعطيات تؤكد ان ” جيل كيبل ” لم يات الى تونس مبعوثا من ايمانويل ماكرون فحسب بل أيضا من الأجهزة الفرنسية التي تعيش حاليا على وقع الاستعداد لتحولات المستقبل و خاصة في ظل توجه اطلسي للحفاظ على دور سياسي علني لحركة النهضة حتى لا ينهار “الربيع العربي ” بشكل كامل