مرت أمس تسع سنوات على فاجعة اغتيال شكري بلعيد التي ذكّرت التونسيين باغتيال فرحات حشاد وصالح بن يوسف وفي الحقيقة هذه الجريمة التي تتحمّل الترويكا الحاكمة وقتها مسؤوليتها الأخلاقية والسياسية ليست الأولى إذ تم قبلها بأشهر سحل وقتل الشهيد لطفي نقض في مشهد استعراضي على مرأى من الجميع بعد أيام من التحريض العلني الذي قام به أنصار حركة النهضة وحلفائها من الثورجيين مازال المشتبه بهم في قتله وسحله أحرارا ولم نسمع أنه تم القبض عليهم بعد صدور حكم باندانتهم…!!!
ولم يتوقف قطار القتل عند بلعيد بل حصد أيضا محمد البراهمي وأكثر من مائتي شهيد تونسي بين جيش وامن وديوانة وبعض الرعاة الفقراء الذين قتلهم الارهابيون في جبال مغيلة في منطقة القصرين.
لن سلسلة الاغتيالات التي حدثت خلال العشر سنوات وانتشار ثقافة الارهاب والتكفير والتشدد الديني تتحمّل مسؤوليتها الأخلاقية والسياسية حركة النهضة وزعيمها راشد الغنوشي الذي كان يدافع على المتشددين “الذين يذكرونه بشبابه” كما قال ذات يوم وهو الذي نصحهم في فيديو شهير بتكوين الجمعيات الدعوية وهو ما قاموا به وكان تسفير الشباب التونسي الى سوريا وليبيا والعراق يتم من خلال الخيام الدعوية المنتشرة في كامل البلاد زمن أدارة علي العريض لوزارة الداخلية وكان التسفير يتم وفق مسار” رسمي” وعلني وليس سر ي وقد دفعت تونس ومازالت ستدفع ثمن هذه الجريمة التي مازالت تفاصيلها غامضة والضالعين فيها أحرارا.
لقد استعملت حركة النهضة المتشددين لنشر ثقافة التكفير وهي الوجه الآخر للاغتيال إذ تم التساهل مع التعبئة التي تتم في المساجد ضد النشطاء السياسيين وكم من شريط فيديو يتم تداوله وفيه دعوات صريحة للقتل دون أن يتتبع من النيابة العمومية التي كبّلها نورالدين البحيري.
إذ أقامت حركة النهضة منذ وصولها إلى الحكم منظومة موازية في الادارة والقضاء والأمن استعملت فيها بعض أنصار بن علي عبر الابتزاز بالملفات ليكونوا خير مرشد لمسؤوليها الطارئين على المناصب العليا في الدولة وهكذا تم اخضاع الشارع التونسي لثقافة جديدة عنوانها الأساسي استباحة الدم التونسي فاغتيال شكري بلعيد او البراهمي او نقض ليست اغتيالات معزولة بل هي نتاج الثقافة التي زرعتها في المجتمع التونسي. ثقافة استباحة الدم التونسي وسقوط حوالي 300 تونسي خلال عشر سنوات برصاص الارهاب مسألة ليست صدفة بل ثمرة مخطط كامل.
ان الشعب التونسي في حاجة إلى معرفة الحقيقة كل الحقيقة وهذا لن يتحقق في غياب قضاء مستقل له الجرأة لفتح كل الملفات بالاستعانة بالتقارير الأمنية حتى لا يبقى هذا الملف يؤرق التونسيين ويحرم البلاد الاستقرار.