- القصبة 1 و 2: أطَّرَهُ اتحاد الشغل… تَصَدَّرَهُ اليسار… وجَنَتْ ثماره النهضة…!!!
أونيفار نيوز – القسم السياسي
في مثل هذا اليوم قبل أحدى عشرة عاما غادر الرئيس زين العابدين بن علي البلاد مخلّفا أسئلة عن تفاصيل “هروبه” وأنهيار نظامه مازالت تبحث عن أسئلة.
المأزق الذي أنتهى إليه النظام كان منطقيا بعد أن حوّل أصهاره وبعض أفراد عائلته البلاد إلى مزرعة عائلية إذ أصبحوا يتحكمون في مفاصل الإقتصاد ولم ينجو منهم قطاع واحد من السياحة الى الأسمنت والنقل والأتصالات والاعلام بل حتى قطاع تنظيم الحفلات لم يسلم منهم وأصبح لهم نفوذ واسع داخل مفاصل الدولة في الداخلية والديوانة والادارة وكان من المنطقي أن يفيض الكأس بالتونسيين الذين خرجوا في مسيرات سلمية مطالبين بالشغل والكرامة والحرية وأمتدت أيادي “خفية” بين جموع المتظاهرين فسقط شهداء وعمت الفوضى في البلاد من الشمال الى الجنوب إلى أن قال بن علي كلمته الشهيرة “فهمتكم” لكن وقتها كل شي قد حسم في المطبخ الدولي وتقرر مصير بن علي وعائلته وكان يوم 14 جانفي النهاية الرسمية لنظام بن علي وبورقيبة على السواء!
الطريق الى الجحيم
الطريق الى الجحيم محفوف بالنوايا الطيبة هذا ما ينطبق بالضبط على ما حدث في تونس لذلك عبّر كثيرون ممن نشطوا بجدية في أواخر عهد بن علي عن ندمهم لأن المطلب الأساسي للتونسيين كان الأصلاح وليس تخريب البلاد وتدمير مكتسباتها بتسليمها للأسلاميين المعادين لقيم الجمهورية والديمقراطية
ويمكن أعتبار اعتصام القصبة 1و2الذي أطّره الاتحاد العام التونسي للشغل وتصدرته وجوه يسارية هو بداية السقوط في الهاوية التي مازالت البلاد تدفع ثمنها فقد فرض أعتصام القصبة 2خارطة طريق كانت في الحقيقة الطريق الى الهاوية بتنظيم أنتخابات المجلس التأسيسي في مشهد من شيطنة الدساترة وبناة الدولة فكانت النهضة في طريق مفتوح للهيمنة على المجلس التأسيسي ومن خلاله التحكم في مفاصل الدولة وكتابة دستور غريب وعجيب وأنتهت أحلام اليساريين والقوميين الذين كانوا خلال 2011 مجرد كامبارس في لعبة دولية كانت حلقتها الاولى اسقاط بن علي ثم المرور الى ليبيا ومصر وسوريا واليمن والمغرب والجزائر وقد نجحا في تجنب الحريق.
حصيلة الخراب
خلال أحدى عشرة عاما تحولت تونس الى بلد سيئ السمعة في العالم وأصبحت مصنفة كبلد مصدّر للارهاب من ليبيا الى العراق الى سوريا الى اوروبا عشرات العمليات الارهابية كان وراءها تونسيون في اوروبا والعالم العربي وعرفت تونس عمليات ارهابية من قبلي الى بنقردان الى شارع بورقيبة الى القصرين والكاف وسوسة وجندوبة الخ… وانتشر التعليم الديني وتحول الزواج العرفي الى مسألة شبه مسموح بها بمعنى التدافع الأجتماعي الذي تحدّث عنه الغنوشي.
حوالي مليون تلميذ أنقطعوا عن الدراسة أرتفاع معدلات الفقر والبطالة والتضخم وأرتفاع جنوني للأسعار وطحن الطبقة الوسطى وأنهيار قيمة الدينار وأنهيار القطاع السياحي وقطاع الصناعات التقليدية والصناعة الوطنية وتحولت البلاد الى سوق للمنتوجات التركية تلك هي أهم مؤشرات الأقتصاد بعد عشر سنوات من “الثورة” التي غيرت حياة التونسيين لكن للأسوا ومن يزور اليوم مناطق الحوض المنجمي والقصرين وسيدي بوزيد وهو المثلث الذي أنطلقت منه الأحتجاجات التي أنتهت بأنهيار النظام سيلاحظ أن وضع البنية الأساسية أسوا والناس أكثر فقرا ورغم كل هذا الخراب تحتفل اليوم حركة النهضة ب” الثورة” وهو في الحقيقة أحتفال له ما يبرره إذ مكنها هذا اليوم من مفاصل الدولة فأغرقت الأدارة بمنظوريها من عديمي الكفاءة مما تسبب في أنهيار توازنات الصناديق الأجتماعية وإذا كان احتفال النهضة مبررا فإن احتفالات احزاب الصفر فاصل وبعض الوجوه “الديمقراطية” ينطبق عليه المثل الشعبي “النعجة تتفاخربلية العلوش”
وكل عام و”الثورة” بخير.