لم تكن قيادة حركة النهضة تعتقد أن مماطلتها في تشكيل المحكمة الدستورية سيكون الباب الذي ستخرج منه من السلطة وتجد نفسها من جديد محل تتبع في قضايا مختلفة.
فبعد انتخابات 2014 وتحالفها مع “عدو الأمس” الباجي قايد السبسي وحزبه حركة نداء تونس التي كانت في يوم ما أخطر من الإرهابيين؛ كانت قادرة على تشكيل هذه المحكمة لأنها مع نداء تونس تملك الأغلبية المريحة لكنها ماطلت في تشكيل المحكمة إلى ما بعد انتخابات 2019 لتجد نفسها أمام رئيس متخصص في القانون الدستوري وكانت من أكبر داعميه في الانتخابات حتى في منافسة مرشحها عبد الفتاح مورو.
شعرت النهضة منذ العام الأول لتولي سعيد الرئيس أنها أخطأت وأساءت التقدير في المماطلة وحاولت تفادي التأخير لكن قيس سعيد رفض التوقيع على مشروعها وفهمت النهضة أنها خسرت المعركة لتأتي إجراءات 25 جويلية لتفقدها نهائيا موقعها في الحكم الذي كانت تستمده أساسا من مجلس نواب الشعب وهكذا انقلب السحر على الساحر!
فهل سقط اليوم سعيد في نفس الفخ ويلدغ من نفس الجحر؟ لقد ظل يلح إلحاحا كما قال عادل أمام على التجاوزات الواردة في تقرير محكمة المحاسبات المتعلق ببعض القائمات والأحزاب وعقد حول هذا الموضوع أكثر من اجتماع مع رئيس محكمة المحاسبات ورئيس المجلس الأعلى للقضاء ووزيرة العدل لكن هذا التقرير لا يستثنيه مما دفع أنصاره وجهات قضائية على الحديث عن “استثناء” للحصانة التي يتمتع بها ودفع معارضيه للمطالبة بالمساواة في التعاطي مع تقرير محكمة المحاسبات.! هكذا هي السياسة من يخطئ التوقيت يدفع الثمن وهي مشي على الرمال المتحركة خاصة في تجربة “ديمقراطية” هشة كالتي تعيشها تونس.
مصطفى مشاط