المدينة العتيقة.. تراث معماري يشهد له التاريخ :
لا تزال المدينة العتيقة مدرسة فريدة للهندسة المعمارية التي تراوح بين التصاميم البسيطة وفن الزخرف الأصيل، فأغلب المنازل العائلية تم تحويلها إلى فنادق صغيرة أو دور الضيافة , تستهوي عشاق الزمن الجميل الذي يحمل في طياته أسلوبا فكريا واجتماعيا وحضاريا متميزا.
يشمل التراث المعماري في تونس القصور والمساجد والزوايا والأبواب التي تداخلت فيها فترات تاريخية حاسمة , ساهمت في تنوع فنونها الخطية والتزويقية والزخرفية، ليتسم كل عصر شهدته البلاد بطابع يميزه عن العصور السابقة و يمثل مصدر إلهام لأجيال لاحقة .
تجذب الأبواب الخشبية المقوسة التي تتخللها رسومات منقوشة بأشكال “خمسة اليد” و “الحوتة “ و “الخلال ” و “قرن الغزال” إنتباه هواة المعمار القديم ، فهي من أبرز التمائم التي تبعد العين والحسد عن كل بيت في المدينة .
تحمل هذه المعتقدات السائدة روح سكان المدينة العتيقة و تندرج ضمن ثقافتهم اليومية لتكون هذه الزخارف والنقوش مرآة لمجتمع خلق ثقافة فريدة بأسلوب خلاب .
أثناء التجوال في أزقة المدن العتيقة في تونس ، تبهرنا أبسط التفاصيل المعمارية التي تحمل رموزا و دلالات خاصة بتونس ، فالنقوش المبتكرة التي تزين واجهات محلات العطور والذهب ، تحاكي حقبة تاريخية معينة ، و تثمن مجهود الحرفيين أو اصحاب الصنعة كما يتداول في المدينة .
ولا يمكن المرور من الأزقة القديمة دون التأمل في “الجليز” التونسي الذي يتميز بألوان رائعة و دقة هندسية تجعل منه تحفة فنية بطابع محلي ،ليضع فيها الحرفي بصمته الخاصة و التي تزيد من القيمة الفنية والمعنوية لكل قطعة يلامسها .
يتحصن السكان المدينة بأبواب خشبية صلبة من صنعهم، فنجد كل باب لا يخلو من زخارف غنية ومبتكرة تبني ملامح الهندسة التزويقية و المعمارية بأقواسها وحدواتها ، وقبابها وساحاتها الكبيرة .
“انها المدينة العتيقة … بعين عاشقة و أسوار شاهقة ..تستهوي الأجيال السابقة واللاحقة “
شيماء الرياحي