-
الجمعيات… الزواج العرفي… النزل الحلال… و وكالات أسفار في قفص الاتهام
مشهد شارع الحبيب بورقيبة القلب النابض للعاصمة وفي مستوى وزارة الداخلية نهاية الأسبوع حادثة مؤسفة كادت أن تسقط فيها أرواح شهداء من الأمن أو مدنيين بعد محاولة شاب في الواحدة والثلاثين من عمره اقتحام الحواجز الأمنية متسلحا بساطور وسكين كبيرة الحجم وقد نجح الأمن في أحباط مخططه الاجرامي والقبض عليه حيا .
هذا الشاب ليس فقيرا ولا منقطعا عن التعليم وليس من منطقة مهمشة فهو من الساحل ومن أسرة ثرية ووسط عائلي طبي وهو ما يكذب كل ما يردد منذ عشر سنوات أن الفقر والتهميش هما سبب تنامي الارهاب فهذه الحادثة تؤكد أن الارهاب ثقافة أولا مبنية على نشر التشدد الديني وتكفير الآخرين و اقناع الشبان بأن قتل من يسمونهم الطاغوت سيمكنهم من مكان في الجنة فهذا الشاب كان عمره تسعة عشرة عاما عندما سقط النظام السابق وهو الابن الشرعي للثقافة التي نشرها الحكام الجدد في رياض الأطفال والمدارس والمعاهد والجامعات والسيطرة على الفضاء العام والمنظومة الدينية من مساجد وأئمة ووعاظ مقابل ضعف منظومة الرقابة الأمنية وفسح المجال واسعا للارهابيين في وسائل الأعلام لنشر أطروحاتهم المعادية للدولة والنظام الجمهوري وتأسيس تعليم موازي بكل مستوياته خارج رقابة الدولة وكل هذه المعطيات بدأت تعطي في ثمارها والشاب الذي أستهدف الأمنيين أمس هو نتاج هذه الثقافة التي أنتشرت في المجتمع التونسي بعد عشر سنوات من حكم النهضة .
هذه الثقافة هي جزء من منظومة كاملة من عناصرها الجمعيات والزواج العرفي بل حتى تحية الصباح التي كان يتبادلها التونسيون مثل كل شعوب العالم تغيرت وعوضت السلام عليكم صباح الخير وكذلك اللباس والنزل الحلال ووكالات السفر المتخصصة في الحج والعمرة فقط . لقد فهمت حركة النهضة بعد تجربتها الأولى في الحكم سنة 2012 أنها لا تستطيع أن تحكم شعبا فيه نخبة تربت زمن الزعيم بورقيبة وبن علي فعملت على “تغيير المجتمع “بارساء منظومة جديدة تبدأ بالزواج العرفي ورياض الأطفال ومحاصرة الحريات اعتمادا على ما سماه الغنوشي التدافع الاجتماعي وفي نفس الوقت شيطنة وتشويه وتهميش النخب التونسية وكيل التهم الأخلاقية والسياسية لها .
فهذه الحادثة ليست معزولة وقد تتكرر مادامت لا توجد أرادة حقيقية لتجفيف منافع ثقافة الارهاب.
مصطفى