-
تحول اتحاد الشغل إلى “شريك” لصندوق النقد الدولي… و”شاهد” عاجز أمام تنامي الفوارق الطبقية…
تونس – “الوسط نيوز” – القسم السياسي
يبدو رئيس الجمهورية قيس سعيد تجسيدا لمفارقات التاريخ و ما في هذه المفارقات من خداع و مكر. ذلك أن القوى السياسية التي ساهمت في الدعاية له و ترشيحه اعتقدت أنها بذلك تغلق باب ” الثورة المضادة ” التي جسدها التفوق الإنتخابي للباجي قائد السبسي و حركة ” نداء تونس ” في أكتوبر 2014 لتعيد “عربة الثورة” إلى السير خاصة و أن نقص تجربة قيس سعيد و فقدانه لآلة حزبية يستند إليها يجعل ” توظيفه ” أمرا يسير المنال.
و لكن سرعان ما تتالت الأحداث التي تشير إلى أن حسابات الحقل لا تقابل بالضرورة حسابات البيدر و هو ما حال دون تشكيل “حكومة التوجه الثوري” و أدى إلى اتساع الفجوة بين المؤسسات و أيضا بين رئيس الجمهورية و حركة النهضة حتى وصلنا مرحلة المواجهة المكشوفة و المفتوحة على كل الاحتمالات.
و ما يبدو أكثر أهمية في هذه المواجهة أنها تمثل تهديدا جديا للمنظومة السياسية التي تشكلت في العشرية الأخيرة لأنها تمس الأسس التي قامت عليها. فقد اتضح أن ” أفضل دستور في العالم ” تخرقه ثغرات تجعله لا ينتج إلا الأزمات المتتالية و أن أغلب هذه ” الثغرات ” متعمد و كان يهدف للاحتفاظ أكبر قدر ممكن بالسلطة و لكن السحر انقلب على الساحر “.
و من اللافت أن العشرية الأخيرة قد انهكت كل الأحزاب السياسية التي لعبت دورا متقدما فيها حتى فقد الفعل السياسي دوره في خدمة الشأن العام و تحول إلى مناورات و ألاعيب مدارها السلطة و امتيازاتها و لم تنج حركة النهضة من هذا التاكل و هي التي استنفذت في العشرية الأخيرة خطاب المظلومية و غادرت موقع الضحية لتتحول في نظر فئات متزايدة من الرأي العام إلى المسؤول الأول عن التدهور الشامل الذي تعيشه تونس في السنوات الأخيرة.
تضررت أيضا صورة الاتحاد العام التونسي للشغل و هو الذي انخرط في دعم “منظومة الثورة” و لكنه تحول إلى “شريك” في الاستجابة لمخططات صندوق النقد الدولي و إلى شاهد شبه عاجز لتنامي الفوارق الطبقية…معركة قيس سعيد و حركة النهضة قد تكون المسمار الأخير في نعش المنظومة الحالية.