بقلم : انس الشابي
من بين الكتب التي عثر عليها في بؤرة القرضاوي وانتشرت صورتها في الفضاء الافتراضي كتيب لحسونة الملولي عنوانه “مجلة الأحوال الشخصية، مقاربة شرعية” والأصح القول بأنها مقاربة تشويه وتكفير وتسفيه، وهو أمر منتظر لسببين اثنين:
1) المؤلف هو حسونة الملولي وهو أحد قدماء منتسبي الاتجاه الإسلامي سبق أن نشر كتيبا صحبة عبد العزيز الوكيل عن السنة النبوية والوكيل هذا هو الذي عُين إماما في جامع سيدي اللخمي بعد هوجة العوام إثر عزل الجوادي وبالنظر في كتيبه لاحظت أنه خلط تخليطا لا مزيد عليه فتجده يستشهد بكانط وبمحمد الصالح النيفر وبالمحكمة الشعبية بهدف واحد وهو الإساءة إلى الزعيم بورقيبة ومجلة الأحوال الشخصية وهو ما يؤكد أن ما يدعيه حزب النهضة من قبوله لمجلة الأحوال الشخصية ليس إلا فرية منه للتلاعب بصغار العقول وضعاف النفوس ممن يصدقونه دون تثبت أو معرفة بحقيقته.
2) أما بالنسبة للكتاب فليس إلا تجميعا لِما درج الإخوان المسلمون على ترويجه من أن المجلة مناقضة للشرع وهو ما نشره بتفصيل القرضاوي في كتابه عن العلمانية في تونس وتركيا ونقله حسونة بقضه وقضيضه في كتيبه الذي قدمه عبد المجيد النجار رئيس الفرع وصاحب المخابز المتعددة في رادس وفرنسا، وتهمني الإشارة إلى قانون التبني الذي يروّج البله والمعاتيه بأنه مخالف للشرع دون نظر ودون تمحيص في تبعية مطلقة للقرضاوي يقول حسونة: “وللحسم والقول الفصل في هذه القضية بالذات وأمثالها من القضايا كالمساواة في الإرث نقول إن المجتمع التونسي مسلم وأن التبني محرم قطعا بالقرآن والسنة العملية والإجماع” وهو كلام يحمل تكفيرا للمشرع ودعوة للاستعصاء ورفض تطبيق القانون والخروج عليه والحال أن قانون التبني فضلا عن جوانبه الإنسانية التي لا مشاحة فيها أصاب في معالجة معضلة اجتماعية يقول القاضي الفاضل الشيخ محمود شمام رحمه الله: “إلا أن المشرع التونسي حرص هنا على استثناء ذي شعبتين من تلك الحقوق وقد أصاب كل الإصابة في ذلك، الاستثناء الأول إذا كان أقارب المتبنى- الولد- معروفين فإن موانع الزواج بين الولد المتبنى وبين أولائك الأقارب تبقى على حالها……. والاستثناء الثاني التبني لا تحصل به الموانع الشرعية للزواج بين الولد المتبنى وبين أفراد عائلته الجديدة” أما كبير القضاة الشيخ الطيب سيالة الذي ذكره حسونة في ثنايا ما حبّر ولكنه لم يستفد بعلمه فقد أصدر حكما سنة 1947 بصحة إلحاق البنت المعروفة الوالدين بنسب متبنيها وأنه لا رجوع في الإلحاق وهو ما يعني أن للتبني مصطلحا آخر مع شيء من التفصيل، أما الشيخ محمد الفاضل ابن عاشور فإنه أصدر أحكاما في إطار قانون التبني لمّا ترأس دائرة تعقيبية صحبة اثنين من أشهر القضاة محمد المالقي ومحمد السطنبولي وهو ما يشعر بأن هذا الفقيه ومن سبقه لا اعتراض لديهم على قانون التبني.
والذي نخلص إليه أن بؤرة القرضاوي تروّج لمخالفة القوانين الجاري بها العمل وهو ما يمثل جريمة مكتملة الأركان على الحكومة أن تباشر مهامها في فرض احترام القانون بإغلاق هذه البؤرة قبل أن يستفحل أمرها.
ملاحظة: لم أذكر المصادر التي اعتمدتها على غير عادتي حتى يقع الخصوم في حيص بيص فهؤلاء أعلام الأمة وكبار رجال القانون فيها لا اعتراض لديهم على قانون التبني في نفس الوقت الذي يتهافت فيه أصحاب البضاعة المزجاة على التلبيس على المؤمنين خدمة لبؤرة القرضاوي وتُبَّعه من جهلة الأمة وعوامها.