اكد الاستاذ و الكاتب عز الدين البوغانمي انه بعد اغتيال شكري بالعيد الرمز الذي ضاع بعده حلم جعل الجبهة كرافعة تاريخية للمشروع الوطني الديمقراطي الكبير المعمّد بالدّماء و التّضحيات من الظلم و التعسف ان يتم التعويل على حمة في توحيد اليسار فالرجل غير قادر على قيادة اي شيئ اكثر من حزب العمال في نسخته الرئيسية و اعتبر ان و مغادرة كوادره و مناضليه قبل المؤتمر الاخير خير دليل على ذلك.
ما يجري في الجبهة في تقديره ليس خلافا حول “مرشحها للرئاسة” كما يعتقد أغلب المتابعين بل هي معركة حول الديمقراطية داخل الحركات السياسية و تحديدا طبيعة العلاقة التي تربط بين القيادة و القاعدة و التي تشكل النواة الاولى لتكون السلطة السياسية في المجتمع و ممارستها من قبل النخبة الحاكمة.
و اكد في نفس السياق ان الثورة لم تكن تحولا فعليا نحو الديمقراطية بل هو تاريخ انفجار أزمة الآستبداد فقط.
أما الديمقراطية فلا تولد من تلقاء نفسها على أنقاض الآستبداد بل يلزمها نساء و رجال ديمقراطيين يؤمنون بقيمها و يتعاونون على بنائها.
و اضاف ان تدفق امال التونسييين في التحول الى مواطنين فاعلين ليس كافيا لصنع التاريخ خصوصا حين نكتشف مع الأيام أن القوى الاجتماعية و السياسية التي اعتقد الناس لعقود طويلة أنها منحازة للديمقراطية، لم تكن كذلك في أعماقها لقد سقط الشعار عندما أدركت تلك القيادات حجم التنازلات التي يمكن أن تترتب على فتح مجال المشاركة الواسعة لقواعدها.
و بين في السياق ذاته ان هذا أحد أسباب تراجع الخطاب الديمقراطي و تحوله إلى خيار أقلّي، بحيث أصبح الطرف الأضعف داخل الجبهة الشعبية تماما مثلما كان زمن الآستبداد.
و تابع إن ضعف الخيار الديمقراطي داخل الجبهة يعكس ضعف الوعي بالديمقراطية و بمضمونها في تونس مقابل ثقل تركة الآستبداد الراكد في العقول مهما كانت ألوانها و محتوياتها الإيديولوجية…
ذلك أنه في تقديره لا معنى للديمقراطية في أي حزب، و في أي ساحة، و في أي بلد ما لم يكرس المشاركة الشعبية في مناخ يضمن الحريات الفكرية الجماعية و الفردية.
و هنا بالضبط يسكن مفهوم “المواطنة” الذي لا أمل في التحرر من الآستبداد دون بنائه و تعزيزه و ترجمته في الواقع و وسط الناس.
هاجر و اسماء