تونس –“الوسط نيوز” – كتب : عبد اللطيف الفراتي
الدول على شاكلة قادتها، فمن كان منهم متخلفا عقليا، أو مصابا بمرض العظمة والنرجسية المفرطة، فإن العدوى تصيب بلاده أو جزء من سكان بلاده سواء كان كبيرا أو صغيرا. وهذا حال الولايات المتحدة اليوم.
فأمريكا أكبر قوة في العالم سواء حسب مستوى دخلها أو ما يعبر عنه بالناتج الداخلي الخام، أو من حيث القوة العسكرية، أو من حيث المستوى العلمي والبحوث والاكتشافات والاختراعات، أو من حيث عدد الجامعات وتقدمها على جامعات العالم، أو من حيث عدد جوائز نوبل أو غيرها من الجوائز، هذه الدولة أسقطها رئيسها المنتهية ولايته في عداد الدول المتخلفة أو شيه المتخلفة.
فإصراره في البقاء في رئاسة الولايات المتحدة ، وكل الدلائل تشير إلى سقوطه في انتخابات الرئاسة التي جرت في 3 نوفمبر 2020، تبدو وكأنها نسخ لما تشهده الدول المتخلفة في العالم الافريقي والامريكي اللاتيني أو العربي-المسلم، أو من كان من الدول وراء الستار الحديدي، إذ ترتفع العقيرة بالاتهام بتزوير الانتخابات وتزييف النتائج، وأن كان ذلك يكون محقا في غالب الأحيان في البلدان المتخلفة، فقد تسربت عدواه إلى الرئيس المنتهية ولايته في أمريكا ، والذي يسعى للحفاظ على منصبه مهما كان من أمر، ورغم أن صناديق الاقتراع قالت كلمتها كما عمليات التأكد المتكررة ، وإذ من حق أي مرشح للرئاسة في الولايات المتحدة ، أن يطعن في نتائج ولاية أو ولايتين من الولايات الخمسين، فإن القول بتزييف على نطاق واسع، ليس من الأخلاق في شيء ، فضلا عن أنه طعن في ديمقراطية دولة تعتبر بطلة الديمقراطية في العالم ، ويكاد يرقى إلى طعن في الظهر، خصوصا مع جر جماهير كثيرة إلى الشك في بلادهم ومؤسساتها، حارسة الديمقراطية ، ولم يحدث مثل هذا خلال قرنين من الزمن أو تزيد ، إلا مرتين وبالرجوع للوثائق، في بدايات سنوات الـ 1800، وعندما لم تكن الديمقراطية ، وممارساتها قد ترسخت لا في أمريكا ولا في غيرها من الدول ، التي تعتبر اليوم ديمقراطية ولا يتطرق الشك في ديمقراطيتها.
ما أقدم عليه ترامب هو وصمة، توحي بأن بلاده ليست فقط غير ديمقراطية، بل لعلها دولة متخلفة، إن لم يكن ماديا فعلى الأقل معنويا وسياسيا وأخلاقيا، وإذ سيمسح التاريخ اسم ترامب مهما كان عدد أنصاره اليوم ،فإنه كرئيس للولايات المتحدة لن يترك بصمة إيجابية تذكرها له الأجيال المقبلة .