من المفارقات التي تميز السياسة في تونس: الانقلاب في المواقف رأسا على عقب، ولعل عقلية التحول 180 درجة، والركوب على الأحداث من شيم حركة النهضة بالأساس. فالحركة التي قررت التصويت لفائدة تنقيح المرسوم 116 المقدم من قبل كتلة ائتلاف الكرامة، وحشدت الصفوف رفقة كتلة قلب تونس، وبعض الموالين لها، حتى أنها حاولت التزوير والتحيل في عدد الحضور واعتماد الاجراءات الاستثنائية من أجل تمرير مشروع القانون، تخرج علينا اليوم في موقف مختلف تماما يتمثل في تثمين قرار تأجيل النظر في تنقيح المرسوم، وتزكية المبادرة التي قدمتها الكتلة الديمقراطية.
النهضة منعزلة نتفهم موقف حركة النهضة الحالي باعتبار أن منظمات المجتمع المدني، ونقابة الصحفيين ونقابات الإعلام عموما، والنخبة السياسية وقفت بالمرصاد أمام محاولات الحركة ومشتقاتها تركيع الإعلام والصحافة لفائدتها.
بعد قرار تأجيل الجلسة العامة ومع تصريح رئيس الحكومة هشام المشيشي بأنه سيعيد المشروع بعد سحبه، أتهم حينها أنه سحبه لفائدة مبادرة ائتلاف الكرامة، لكنه تعهد بنسخة معدلة ترضي كافة الأطراف، مما جعل النهضة منعزلة وحدها تغازل تنقيح المرسوم، الأمر الذي لا يصب في مصلحتها خاصة وأن الحركة حاليا تشهد أكبر أزمة في تاريخها في ما يعرف برسالة الـ100.
انقلاب في التصريحات وقد صرح كل من النائبين سمير ديلو ويامينة الزغلامي أن إن عددا من النواب “رجعلهم شاهد العقل”، وفق تعبيرها، وأن قرار التأجيل قرار صائب.
وبالعودة إلى تصريحاتهم السابقة، فقد تم التأكيد من خلال العقل المدبر لقرارات الحركة المتمثل أساسا في مجلس شورى وعن طريق رئيسها عبد الكريم الهاروني حيث أكد هذا الأخير، أنّ النهضة ستصوّت مع تنقيح المرسوم 116 المتعلّق بحرية الاتصال السمعي والبصري وبإحداث هيئة عليا مستقلة للاتصال السمعي والبصر.