أيام قليلة تفصلنا على عودة البرلمان إلى عمله في دورته الثانية، عودة تتسم بالتشنج وتجدد الصراعات، حيث سيعود مجلس نواب الشعب إلى العمل بمشهد برلماني مختلف جذريا في محاولة منه للخروج من التشتت الواضح التي تميزت بها الدورة البرلمانية الأولى.
بعد إنهاء الدورة البرلمانية الأولى بجلسة سحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي، تكونت خلال العطلة البرلمانية تكتلات وتحالفات جديدة بين ” قلب تونس، حركة النهضة، وائتلاف الكرامة” من جهة، و بين” الكتلة الديمقراطية، كتلة الإصلاح، كتلة تحيا تونس، والكتلة الوطنية وبعض المستقلين” من جهة أخرى.
تحالفات.. مصالح شخصية.. فحسابات
هذه التحالفات تعتبر بداية جديدة من أجل إعادة تصور المشهد البرلماني من جديد ومحاولة فرض الموقف في مختلف الأولويات القادمة لعل أهمها، صراع إرساء المحكمة الدستورية.
“زواج متعة” هكذا وصفع المتابعين للشأن البرلماني، فقد لجأ ائتلاف الكرامة إلى عقد تحالف مكشوف وعلني مع حزب قلب تونس، تحالف يهدف بالأساس إلى تقوية الجبهة البرلمانية والالتفاف أكثر حول حركة النهضة الإسلامية.
في البداية طالبت حركة النهضة بتوسيع الحزام السياسي وإصرارها على تشريك قلب تونس في الائتلاف الحكومي بتعلّة أن تكون الأحزاب الأولى في البرلمان (حركة النهضة، قلب تونس، التيار الديمقراطي، و ائتلاف الكرامة) هي العمود الرئيسي و الركيزة الأساسية في أي تحالف حكومي. وأعتبر آنذاك تحالف حكومي لا يتناسب مع التحالف البرلمانيي. كما ظهر جليا أن قلب تونس وائتلاف الكرامة بمساعدة حركة النهضة تحالفوا على إسقاط حكومة الفخفاخ وذلك بتقديم لائحة لوم ضد رئيس الحكومة السابق اليأس الفخفاخ وإسقاط حكومته على خلفية ” قضية تضارب المصالح التي تورط فيها الفخفاخ” ، تلتها لاحقا تشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في القضية المذكورة والغاية من ذلك هو إسقاط الفخفاخ وتشكيل حكومة أخرى وفق مصالحهم.
تحالفات في الأفق
هذه المعطيات أفضت إلى تحالف علني بين هذه الكتل البرلمانية التي تسعى إلى تحقيق مصالحها السياسية في البرلمان. لكن يبدو أن هناك تحالفات أخرى في الأفق، منها المشاورات المتقدمة بين حركة الشعب، التيار الديمقراطي وكتلة الإصلاح الوطني وكتلة تحيا تونس والكتلة الوطنية وعدد من النواب المستقلين، بهدف تشكيل ائتلاف من أجل تنظيم العمل البرلماني وإحداث التوازن السياسي ضد خصومهم من الكتل الأخرى، حتى أن البعض وصفه بالتحالفات الخطيرة. في حين اعتبر البعض الآخر أن مثل هذه التحالفات مهم على مستوى التنسيق من أجل إرساء المحكمة الدستورية ومراجعة القانون الانتخابي وبعض القوانين من العيار الثقيل التي ا تحظى بتوافقات، أو بالأحرى ائتلاف جديد لمنع ابتزاز رئيس الحكومة هشام مشيشي وتعطيل سير عمل الحكومة، وتمرير مشاريع القوانين والتشريعيات القادمة، هي بالأساس محاولة لصد التحالف البرلماني بين ائتلاف “قلب النهضة”، لتعطيل مخططاتهم القادمة في علاقة بالحكومة وفي السير العادي لعمل البرلمان
التيار الديمقراطي والدستوري الحر في المعارضة!!!
تغييرات جديدة وجذرية تشهدها خارطة التموقعات في البرلمان خاصة في صف المعارضة التي سنجد فيها كتلة الدستوري الحر وكتلة التيار الديمقراطي. فبالرغم من اختلافاتهم السياسي والإيديولوجي إلا أنهما في المعارضة، ويبدو ان التقارب بينهما مستحيل، حيث يصعب عليهما التحالف والتنسيق في القرارات ومع هذا تبقى كل الاحتمالات والسيناريوات واردة فالمفاجآت الطارئة في البرلمان لا يمكن أبدا أن نتوقعها وربما تكون هناك تقاربات جديدة في قادم الأيام.