من الجهاز السري …الى الرقاب …الى مأساة الرّضع
افتتح الرئيس الباجي قائد السبسي اجتماع مجلس الأمن القومي صباح اليوم في قصر قرطاج بخطاب أحرج الحكومة و مجلس نوٌاب الشعب و قد بدا الرئيس في حالة من الغضب الذي ظهر على ملامحه وطريقة خطابه و حركات يديه و كذلك في “الملاسنة” الضمنية التي حدثت مع رئيس الحكومة يوسف الشٌاهد في بداية الاجتماع و هو ما يؤكد الطلاق البات و البين بين الرئيسين.
و في خطاب موجز و قصير تعرٌض الرئيس لأهم القضايا التي تشغل بال الشارع التونسي و أهمٌها أداء مجلس نوٌاب الشعب الذي اتهمه بالتقصير في مناقشة القوانين التي تعرٌض عليه و منها قانون الطوارىء الذي تعهد الرئيس بآنه لن يمدد فيه مستقبلا كما تعرٌض للأتهامات التي يوجهها التونسيون للقضاء الذي يعتبرونه غير مستقل و غير محايد بسبب تجاهله لعديد الملفات الكبرى منها قضية الجهاز السري التي مازالت مفتوحة دون آي جواب مقنع حولها.
و تعرٌض الرئيس أيضا الى قضية المدرسة القرآنية في مدينة الرقاب التي آعتبر آنها قضية تتصل بالأمن القومي و أتهم ضمنيا القضاء و الحكومة بالتساهل في التعاطي معها كما تعرٌض الرئيس الى مأساة الوفاة المسترابة لأثنى عشرة رضيعا منوها باستقالة وزير الصحة العمومية الدكتور عبدالرؤوف الشريف الذي تحمل المسؤولية الأخلاقية و السياسية و الطبية في هذه الكارثة.
ماذا يخفي الباجي ؟
رغم أن الدستور التونسي الذي صاغته الترويكا من خلال المجلس التأسيسي لم يمنح رئيس الجمهورية صلاحيات كبرى خارج العلاقات الخارجية و تمثيل الدولة إلا أنٌه من الواضح أن قئد السبسي السياسي الشٌاهد على ولادة الدولة الوطنية منذ سنة 1955 أختار تغيير المعطيات السياسية في البلاد من خلال مجلس الأمن القومي الذي يمنحه صلاحيات واسعة لمراقبة عمل الحكومة و محاسبتها فيما يتعلٌق بقضايا الأمن القومي.
فرئيس الحكومة الذي لا يخضع لسلطة الرئيس في الملفات الأقتصادية و الأجتماعية و الأدارية لا يستطيع ان يفلت من المحاسبة فيما يتعلٌق بملفات الأمن القومي الذي يرأسه الرئيس بأعتباره القائد الأعلى للقوٌات المسلٌحة لذلك أعتبر الباجي قائد السبسي أن قضية مدرسة الرقاب التي تكشف حجم تدمير الأسلاميين لمنظومة التعليم و الثقافة من أجل تغيير النمط الأجتماعي قضية تتصل بالامن القومي و كذلك قضية الجهاز السري أو مأساة الرّضع و الأدوية و هي تتصل أساسا بحياة التونسيين و الرئيس المسؤول الأوٌل عنها.
حضور رئيس الحكومة يوسف الشٌاهد اليوم في مجلس الأمن القومي كان حضورا مرتبكا و لم ينجح في أخفاء ارتباكه حسب الفيديو الذي نشرته رئاسة الجمهورية و قد تكون استقالة الشريف مقدمة لأستقالة يوسف الشٌاهد الذي يرفض التفاعل مع قضية الجهاز السري الى حد الآن و ما قاله الباجي قائد السبسي عن القضاء في اجتماع اليوم هو رسالة ضمنية ليوسف الشٌاهد رئيس الجهاز التنفيذي الذي تتبعه النيابة العمومية !