-
قائد السبسي هو حصان طروادة الذي امتطاه الاخوان لاستعادة السلطة
-
الخماسي و الغرياني عقدا صفقة بين النهضة و ليلى بن علي
كشف الدكتور مصطفى التواتي القيادي السابق في نداء تونس و الكاتب العام السابق لنقابة التعليم العالي و البحث العلمي أن حركة النهضة فوجئت بما حدث في مطلع 2011 إذ كانت عقدت صفقة مع ليلى بن علي عن طريق رؤوف الخماسي و محمد الغرياني للعودة للنشاط السياسي بعد تولي صخر الماطري الحكم في 2014.
و هذا ما كتبه الدكتور مصطفى التواتي .علينا أن نفهم قبل فوات الأوان:
ما يعلمه الجميع أن حزب النهضة لم يشترك في الثورة أواخر 2010, وما لا يعرفه الجميع أن القيادة في لندن كانت تنتظر الإمساك بالسلطة في الانتخابات الرئاسية لسنة 2014 عن طريق صخر الماطري، حسب صفقة سرية تمت بينهم وبين ليلى الطرابلسي بوساطة من رجل الأعمال المقيم بألمانيا رؤوف الخماسي و هو صهر عبد الفتاح مورو ، و محمد الغرياني الذي تم تعيينه سفيرا في لندن لهذه الغاية، و لكنهم فوجئوا بالانهيار السريع لنظام بن علي، و بعد فترة من البهتة و التردد، و تنفيذا لقرار من القيادة الدولية لتنظيم الإخوان المسلمين، سارع الغنوشي و معظم أفراد القيادة في الخارج بالرجوع إلى تونس و الإمساك بتلابيب الثورة التي كانت تتجاذبها الصراعات الطفولية للقوى اليسارية و الديمقراطية، كالكورة بين الذكورة كما يقول المثل، و بدعم كبير و أساسي من المكينة الإعلامية و المالية لقطر، تمكن حزب النهضة باستغلال فوضى و طفولية القوى المدنية، من السيطرة على الأوساط الشعبية أولا، وتحريك الأذرع السلفية المتطرفة ثانيا، للفوز بالانتخابات التأسيسية و الاستيلاء على السلطة “ديمقراطيا “، عبر حكومة الترويكا سيئة الذكر.
و لكن بسبب لهفة زعامات النهضة على السلطة ونهم إطاراتها للغنيمة ورغبة البعض منهم في الثأر، و وقوع الحركة، من جهة، تحت ضغط التنظيم الدولي للإخوان الذي أصبح يرى طيف الخلافة في الافق، وضغط المزايدات الاديولوجية للفرق السلفية المتطرفة، من ناحية ثانية، أساءت الحركة التقدير و تسرّعت في محاولة تغيير نمط عيش المجتمع و ضرب مكاسبه الوطنية المدنية، و خاصة ما تعلق منها بمكانة المرأة و العلاقات الأسرية و الحريات الفردية، و هو ما أدى إلى ردة فعل اجتماعية و سياسية عنيفة اعتمدت على تحريك الشارع وتفعيل منظمات المجتمع المدني ووسائط التواصل و الاعلام، و هو المجال الذي تتميز فيه القوى اليسارية والديمقراطية بلا منازع، لذلك رجحت الكفة لفائدة هذه القوى التي وجدت في شخص الزعيم بورقيبة وفكره التقدمي وإنجازاته الحداثية، خير رمز حافز وموحِّد.
و قد تجسد هذا النجاح في تقليم أظافر النهضة السلفية الجهادية، أولا، وإسقاط حكومة الترويكا في اعتصام الرحيل، ثانيا، وهزيمة النهضة وتوابعها في انتخابات 2014، ثالثا. وكان من المنتظر والمنطقي، بعد هذه الهزيمةالانتخابية والميدانية للاسلام السياسي، أن تعمل القوى الوطنية الديمقراطية في إطار جبهوي استراتيجي لإعادة هيكلة الدولة على أسس جديدة تستفيد من أخطاء الماضي و متطلبات الحاضر و المستقبل و أحلام الشباب الذي كان محرك الثورة الاساسي ووقودها، و لكن للأسف سرعان ما عادت فصائل اليسار إلى مرضها الطفولي وانتعشت الروح السلطو ية في أوساط التيارات الوطنية الدستورية، و وجدت الاطراف الانتهازية الفرصة سانحة لتبيض و تفرخ، و تدخلت القوى الإقليمية والدولية لحماية مصالحها بضمان موقع للاسلام السياسي في التجربة التونسية، بعد أن خاب في تجارب أخرى بالمنطقة، و كان للأسف المرحوم الباجي قائد السبسي هو حصان طروادة الذي استعاد الاخوان من خلاله دفة السلطة مستفيدين هذه المرة من أخطائهم السابقة، مستعيضين عن طرق المواجهة بخطة التسرب، و بدل اللكم استعملوا، كما اعترف الغنوشي، طريقة العناق الخانق والقبل المسمومة، لا هدف لهم إلا التمكن بمفاصل الدولة مثل الروماتيزم.
و هكذا و في ظرف الخمس سنوات الأخيرة، و بأضعف نسبة تصويت و بأقل عدد من النواب في البرلمان، حصلوا على ما لم يحصلوا عليه طوال عقود، بعديد الضحايا و آلاف المساجين، و المحاولات الانقلابية و حتى بأعلى نسبة تصويت ونواب في انتخابات 2011. لقد حصلوا على الدولة او بالأدق هم بصدد ذلك،يوما بعد يوم، في ظل انهيار فصائل اليسار الطفولي و ترويض المجتمع المدني وفي مقدمته الحركة النقابية العتيدة،و تخاذل عديد القوى الوطنية، و تضخم صفوف الطابور الخامس من الانتهازيين(خدامة الحزام(!) عند النهضة) و إعادة الجماهير الشعبية إلى الحالة الغريزية تحت وطأة الظروف المعيشية المتدنية.
أخواتي و إخواني في محبة هذا الوطن، هذه هي حال بلادنا اليوم، و قد أصبحت فقيرة، مقهورة، مضامة، حسّا و معنى، فماذا ترانا فاعلين قبل فوات الأوان؟!