هدى الكافي *
إلى رئيس الجمهورية
حمل الكردونة ليس بالأمر الصعب و إن بدى لك الأمر كذلك فلإنك لم تحمل كردونة في حياتك و شغل حمل الكرادن ليس شغلك، ما عليك حمله ليس كردونة و إنما حمل مسؤولية أمن شعب بكامله أقعدته سنوات سوء التدبير و العبث بمصالح المواطنين و هو يجابه اليوم و بمناعة جسده المنهك من سوء التغذية، وباء عاتيا إن لم يأت عليه فهو سيأتي على بعض أفراد أسرته أو أقاربه، المبكي فيما فعلت هو تصرفك وفق منوال حكم اتى عليه الدهر و تجاوزه التاريخ، فلا الدولة التي حكمها الخلفاء هي دولة اليوم و لا البشر الذين كانوا رعايا هم نفس البشر، لتعلم أيها الأستاذ الذي يدّرس القانون الدستوري، أن الزمن يتغير و أن حركة التاريخ تغيّر المفاهيم و تغير الواقع بنفس المقدار و الدرجة ، لتعلم أن من تحكم اليوم ليسوا رعايا بل هم مواطنون ، نظامهم جمهوري و أنت أعلم الناس بدساتيرهم بحكم اختصاصك ، فلماذا تغالط الناس ؟
لماذا تمرر لهم صورة تضلل إدراكهم و أنت الأستاذ الذي يعلّم الناس و يفتح عيونهم على الفوارق بين المفاهيم ؟
هل هي رغبتك في تسجيل نقاط ثقة فقدتها بخرجاتك الفاشلة في وسائل الإعلام فخسرت تلك الثقة التي وضعها فيك أناس انتخبوك دون معرفة حقيقية برصديك السياسي و المعرفي و اكتفوا بما ظهر منك من نقاء أخلاقي.
لماذا تخرج إلى الناس و أنت تحاكي قصص الخلفاء الراشدين و تستميت في التذكير بذلك النقاء؟
ألم تعلم أن الأنقياء لا يقفون أمام الكاميرا لتسويق صورة على شاكلة تسويق أحد ماركات الياغورت ؟
ألم يعلموك أن الزعماء يقيّمهم التاريخ و هو الوحيد الكفيل بالتمييز بين جيدهم و فاشهملم ؟
الا تعلم أم أنك لا تعبأ بالمعاني و الدلالات خاصة و أنت تنطق بتلك الجملة الجوفاء الخالية من كل دلالة ، فلا يقلقك تفككها و لا يحزنك بؤسها ..
لماذا أنت كما أنت صورة دون روح ، شكل دون مضمون ، دال دون مدلول ، لأي شيء تحيل ؟ و هل في مقدورك أن تحيل لشيء ؟
خرجت في خضم الأزمة لتبث خطاب حقد و كراهية و كأنك تأمر الناس بالإنتفاضة و لم يكفيك ذلك فخرجت لهم تحمل الكاردن و تبرر ذلك بواجب أن تحملها لأن لا أحد سيحملها عنك يوم القيامة ، تريد أن تقول أن وعيك الديني هو وازعك في الفعل و الحال أن فعلك منصوص عليه في دستور البلاد لا في نص مقدس و لا في سيرة الأنبياء و الرسل ، فلماذا تغالط ؟
لو كنت نقيا فعلا لكنت أذكى لعملت بمقتضى منزلتك ووظيفتك على إيجاد الدعم لتونس في المجتمع الدولي عبر تفعيل صلاحيات وزارة الخارجية التي تتبع مشمولاتك ، لو كنت ذكيا لخرجت من تلك الصورة الهلامية التي قيدت بها نفسك وأصبح من العسير عليك إيجاد صورة غيرها ، لو كنت ذكيا لفكرت في سبل تواصلية جديدة تجعلك مجديا و نافعا لجميع المواطنين لا أن تخاطبهم فتنعتهم بالرعية ، لسنا رعية يا رئيس الجمهورية و لست ملكا و لا خليفة و راعي أنت رئيس حدد الدستور صلاحيات لك و ما كان عليك أن تتركها لتخرج في مظهر البهلوان الذي أضحك الناس بدل أن ينفعهم و يساندهم في محنهم التي يعيشونها بمفردهم و هم يعلمون أن دولتهم من قش و أن القائمين عليها دمى متحركة لا تُسعدها إلا كاميروات نشرة الأخبار..
*أستاذة فلسفة