-
صعود سعيد… تذبذب الموقف التونسي… و استقبال اردوغان، أهم أسباب تجاهل تونس…
-
لا رئاسة الجمهورية و لا وزارة الخارجية نشرت موقفا رسميا لتونس التي ترأسس الجامعة العربية… و هي عضو غير قار في مجلس الأمن…!!؟؟
تونس – “الوسط نيوز” – كتب : رؤوف بن رجب
نشرت المستشارية الألمانية قائمة الدول المدعوة لمؤتمر برلين حول الأزمة الليبية الذي سيعقد يوم الأحد القادم وقد استبعدت تونس الجار المباشر من هذه القمة المصغرة ولم يكن الأمر مستغربا بل كان منتظرا بعد الاتصال الهاتفي الذي أجرته المستشارة انجيلا ميركل مع رئيس الجمهورية قيس سعيد ولم تدعه خلاله لحضور المؤتمر في حين أجرت في نفس اليوم اتصالا بالرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أعلنت بعده الرئاسة الجزائرية أنها تلقت الدعوة لحضور مؤتمر برلين.
و ما كان يقع إقصاء تونس من اجتماع دولي يهم جارتها الشرقية الجنوبية حيث سبق ان حضر الرئيس المرحوم الباجي قائد السبسي الاجتماعين المماثلين الذين جرا في ضواحي باريس بفرنسا( جويلية 2017) و في باليرمو الإيطالية(نوفمبر 2018) لولا جملة من المستجدات لا بد من التمعن فيها وهي :
أولا: صعود قيس سعيد إلى الرئاسة التونسية وهو غير معروف على الساحة السياسية فضلا على أن خطواته الأولى في الشؤون الدولية لم تكن مطمئنة بل كان يكتنفها كثير من الغموض ونقط الاستفهام.
ثانيا: تذبذب الموقف التونسي من الأزمة الليبية وقد اتضح ذلك من خلال استقبال رئيس مجلس الدولة، خالد المشري ورئيس حكومة الوفاق فائز السراج وهما جزء أساسي من المشكل في ليبيا وغض الطرف عن الطرف الثاني وهو قائد الجيش خليفة حفتر ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح. حتى اجتماع رؤساء القبائل الليبية الذي جرى في تونس فقد تبين أنه لا يمثل المجتمع الليبي. و قد زاد الطينة بلة أن قيام تونس بهذه الخطوات دون التنسيق مع رئيس البعثة الأممية لدى ليبيا غسان سلامة الذي يقيم في تونس
ثالثا: خروج تونس عن المبادئ التي وقع التوافق حولها ضمن المبادرة التونسية التي أصبحت ثلاثية بعد انضمام الجزائر ومصر إليها والتي وضعت أسس حل توافقي في ليبيا بالـتأكيد على أن حل النزاع لا يتم إلا بالطرق السليمة عبر حوار ليبي ليبي مع استبعاد كل تدخل عسكري خارجي والمحافظة على وحدة ليبيا وسلامة ترابها. فقد كان من الأساسي التشبث بهذه المبادرة التي اتخذ الجميع مبادئها كإطار ضروري لحل سياسي للصراع بين أطراف النزاع.
رابعا: إن استقبال تونس للرئيس التركي رجب طيب أوردغان وما جرى حول هذه الزيارة من لغط أعطى الانطباع أن تونس اصطفت إلى جانب تركيا التي اتخذت خطوات عملية للتدخل العسكري في ليبيا وحيث الأمر كذلك فإن حضور تركيا يكفي ويصبح حضور تونس غير ذي جدوى. حتى السعي للتوضيح الذي قامت به رئاسة الجمهورية بعد التصريحات والتصريحات المضادة لمقربين لرئيس الجمهورية لم يزد الأمر إلا التباسا.
خامسا: لم يستسغ وزير الخارجية الألماني هايكو ماس الطريقة المهينة التي تمت بها إقالة زميله التونسي خميس الجهيناوي وقد كان يومها موجودا في تونس وقد استغرب ألا يكون هذا الأخير حاضرا في مقابلته لرئيس الجمهورية بعد أن أجرى جلسة عمل هامة في وزارة الشؤون الخارجية. وإن تبرير الإقالة بقضية التطبيع زاد في تعقيد الأمور مع ألمانيا نظرا للخلفية التاريخية للموضوع بالنسبة للألمان. وهذا الموقف يتنافى تماما مع موقف تاريخي اتخذه الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة الذي كان سنة 1965 الزعيم العربي الوحيد الذي رفض قطع العلاقات مع جمهورية ألمانيا الاتحادية آنذاك بعد أن أقامت علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. وقد برر بورقيبة آنذاك الموقف بأنه لو قمنا بقطع العلاقات مع كل الدول التي تعترف بإسرائيل لما بقيت لنا دولة في العالم نتعامل معها. فما أبعدنا اليوم من الموقف الحكيم لباني الجمهورية التونسية.
سادسا: بالرغم من العلاقات الجيدة التي ربطتها تونس مع ألمانيا بعد الثورة حيث أصبحت برلين من أهم الشركاء السياسيين لبلادنا بعد الثورة فإن ألمانيا أبدت امتعاضا شديدا بل وغضبا عارما لإيقاف الخبير الأممي المنصف قرطاس الذي يحمل الجنسيتين التونسية والألمانية وتوجيه تهمة الحصول على معلومات سرية تتعلق بخطط الدفاع الوطنية للدولة التونسية ونقلها إلى دولة أجنبية أو عملائها دون ذكرها وهي تهمة تصل عقوبتها إلى الإعدام. والمعلوم أن المنصف قرطاس يعمل عضوا في فريق خبراء تابع للأمم المتحدة مكلف بالتحقيق في شحنات أسلحة محتملة من وإلى ليبيا.
الغريب في الأمر أن لا رئاسة الجمهورية و لا وزارة الشؤون الخارجية نشرت موقفا رسميا من استبعاد تونس من مؤتمر برلين حول الأزمة الليبية مكتفية بحديث صحفي لسفير تونس ببرلين أحمد شفرة لموقع ديتش فلي DWعربية( https://www.dw.com/ar/) و قد قال السفير التونسي بالخصوص إن بلاده تلقت باستغراب و دهشة كبيرة إقصائها من مؤتمر برلين.
و لا شك أن الأمر يثير الدهشة فتونس تترأس القمة العربية و هي منذ بداية جانفي الحالي عضوا غير قار بمجلس الأمن للأمم المتحدة تمثل المجموعتين العربية و الإفريقية في المنتظم الأممي، فضلا على أنها تستعد لاحتضان القمة الفرنكفونية التي تضم 88 دولة و تعتبر ثاني تجمع دولي بعد الأمم المتحدة.