تونس –“الوسط نيوز” – كتب : عبد اللطيف الفراتي
بعد أن قرأ مقالا لي جاءني للبيت فهو من معارفي ليس المقربين، و لكن لم يسبق أن زارني في بيتي، جاء يسألني لو طلبوا منك افتراضا أن تكون رئيس الحكومة في تونس اليوم، ماذا كنت تجيب، و افتراضا لو طلب منك أن تكون وزيرا أو حتى كاتب دولة، سألته هل عرضوا عليك، قال لي : لا، سألته لماذا السؤال إذن قال لي :
أسعى أن أتقمص دور المعروض عليه عضوية الحكومة، و أنا أعرف أنك تعرضت لذلك في وقت من الأوقات، أو هكذا قيل في حينه، و بقطع النظر عما إذا كان عرض علي فعلا أو لا “و هل كانت إشاعة فقط” أجبته :
“بطبيعتي كصحفي أرفض، و أنا أعتقد أن مهنتي الصحفية أفضل بكثير من المنصب الوزاري، إضافة إلى أني أعتقد أن تولي الوزارة و البلاد في أزمة خانقة، تتطلب دراية و شجاعة و بعد نظر و سيطرة على العامل الاقتصادي و زاد معرفي لا يتوفر لي، كما أعتقد أنه لا يتوفر لرئيس الحكومة القابع اليوم في ركنه في انتظار تصويت البرلمان، و هو ليس متأكدا من إيجابية ذلك التصويت، و هذا من وجهة نظري يصح على رئيس الحكومة المعين و على عدد من وزرائه الذين لا تتوفر لهم لا القاعدة المعرفية و لا الكاريزما الضرورية لقيادة البلاد في هذا الظرف السيء، و الذي يحتاج إلى رجال من مستوى الهادي نويرة و منصور معلى في وقتهما أو رشيد صفر و إسماعيل خليل في وقتهما، و لا أعتقد أن الحبيب الجملي يتمتع بقوة شخصية و بالمدارك المعرفية، التي تمتع بها ليس فقط أولئك الرجال الأربعة أو من أحاط بهم من كبار رجال الدولة و مفكريهم وتحت قيادة بورقيبة.
عاد و سألني و على وجهه حيرة : تستنتج إذن أن الحبيب الجملي ليس الرجل المناسب للمرحلة، و أن تعيينه كان خطأ كبيرا تتحمل مسؤوليته و تتحمل تبعته النهضة، قلت له : فعلا و لكن ليس وحده، بل معه حكومة ليست في مستوى التحديات الكبيرة للمرحلة، إلا قلائل من أعضائها يتمتعون بالمعارف و الادراك اللازم و لكن ليس بيدهم القيادة، و هو بقطع النظر عن الرجل و خصاله الشخصية و الذاتية، فإنه لا يمكن أن يكون عنصر نجاح.
عاد للسؤال، و ان مر هو و حكومته على تصويت البرلمان فهل تعتقد أنه سينجح في نيل أغلبية ؟
قلت له : بالرغم من أني لا أعتقد في كفاءة الرجل لقيادة فريق حكومي، كما لم أعتقد لا في قدرات حمادي الجبالي و لا علي العريض و لا الحبيب الصيد و لا يوسف الشاهد فإني لا أظن أن النهضة ستتخلى عنه و سيبقى رمزا لفشلها، و لكن لعل هناك بعض ما يمكن أن تتدارك به بعض النواحي، فهناك على الأقل 5 أو ستة وزراء لا ينبغي لهم أن يكونوا في الحكومة، و إلا وصموها بالرجعية و قلة المقدرة، فمغامرة وزير الدفاع مع رابطة حقوق الانسان سنة 2000 لا يمكن أن تمحي، و هو على بعد المسافة الزمنية يبقى علامة على الخنوع للرئيس السابق بن علي و تنفيذ أسوإ أوامره و سيبقى في نظر الرابطيين و يمثلون قوة معنوية كبيرة و لا في أوساط حقوق الانسان العالمية بكل ثقلها، مرتبطا بأسوإ قرارارت بن علي في المطلق، و لعله و بعد أن كان كمال العيادي مرشحا للمنصب بكل النزاهة و الكفاءة التي عرف بها، يمثل للأسف نقطة تراجع غير مفهومة، كما إن هناك آخرين ليس المجال لاستعراضهم لا يمكن أن يكونوا في حكومة بلد يعج بالكفاءات و بالنزهاء في هذا القرن الواحد و العشرين.
هذه الحكومة روحها في يد نبيل القروي، فقرار التصويت لها من عدمه،ه و ما سيدفعها للبقاء و لو إلى حين أو يطيح بها كم تبدو على هشاشة كبيرة.