تم اعلان خروج الشريط الوثائقي “بنت القمــرة” إلى قاعات السينما التونسية خلال ندوة صحفية و عرض الفيلم بحضور منتجته ندى مازني حفيظ ومخرجته هبة الذوادي و بطلات الفيلم مساء يوم الثلاثاء 26 نوفمبر2019 بمقر المعهد الفرنسي بتونس (IFT) و ذلك لتوعية الرأي العام والسلطات بمأساة أطفال القمر.
يبدأ الفيلم بطفلة صغيرة تختبأ داخل زي يغطي كامل جسدها من أشعة الشمس تعانق زميلات مدرستها بحب ثم يرافقنها الى قاعة الدرس. مع حلول وقت الراحة تبقى آية في القاعة وحيدة بينما يلعب أترابها في ساحة المدرسة.
تركز الكاميرا على آية احدى أطفال القمر و هي تقبع قرب النافذة في زاوية المنزل أين تقضي معظم الوقت تقريبا بعيدا عن أشعة الشمس. رغم أن آية تحب الشمس فإن التعرض لأي أشعة فوق البنفسجية يجعلها تصاب بحروق و يضاعف خطر اصابتها بالسرطان.
يتسلل فيلم “بنت القمرة” الى مشاعرنا ليس فقط ليغوص بنا في حياة ثلاث فتيات لميـاء و آية وسهـام، يعشن صراع يومي مع مرض جفاف الجلد المصطبغ (Xeroderma Pigmentosum) في مراوحة بين أهم لحظات القوة و لحظات الضعف التي يمررن بها، بل أيضا ليعري ما تخلفه نظرة المجتمع إلى “المختلف” من مشاعر سلبية تارة تكسر جوارحه و تارة أخرة تحمله نحو التحدي و النجاح.
عندما لا يكون لطفلة صغيرة الخيار في أن تخرج و تلعب مع الأطفال و تظل حبيسة المنزل طوال النهار يصعب أن تشرح لها الأسباب أيا كانت. لكن الفيلم الوثائقي “بنت القمرة” قدم لنا فتاة صغيرة بروح ناضجة تحكي عن تعايشها مع المرض فجعلتنا آية نلامس براءة طفلة و وعي انسانة اختارها هذا المرض النادر ليحملها وطأته مع كل اشراقة شمس.
البنت الثانية من بنات القمر هي “لمياء” تحدثت عن حبها للحياة و عن الأمل الذي يدفعها نحو تحدي المرض. قصة لمياء مع المرض تراوحت بين عديد الثنائيات المتضادة، ثنائية القوة و الضعف، ثناية اليأس و الأمل، ثنائية الحزن و الفرح. تنزوي لمياء في غرفتها لتبكي عندما ترى مرضها في أعين الآخرين لكنها تتحدى المرض و تنجح في مناقشة رسالة ماجستير البحث في علم الجينات. تتحدث لمياء عن طموحاتها و رغبتها المتواصلة في تطوير ذاتها لكنها ترى أنها ستكون السابقة و أنها ستفارق الحياة قريبا اذا مر بها خبر وفاة احد أطفال القمر. تبكي لمياء حبيبا تركها بسبب المرض لكنها ترقص ليلا على أنغام أغنية “غير انت”.
مزيج من المشاعر المتناقضة جعلتنا نغوص في شخصية لمياء الانسانة بعيدا عن كونها واحدة من أطفال القمر.
أما “سهام” بنت القمر الثالثة، فقد تحدثت بإيمان قوي و ثقة في النفس عن قدرتها في تخطي حواجز المرض و أن تعيش الحياة كما يحلو لها. قالت إنه لا يمكن لنظرة الآخر أن تعيقها عن تحقيق أحلامها.
نجح فيلم “بنت الڨمرة” في أن يصور ملامح معاناة أطفال القمر في تونس من خلال شهادة لثلاثة فتيات، آية و سهام و لمياء، شهادات امتزجت فيها القوة بالضعف، و الدموع بالابتسامات، ويجب أن لا ننسى أن في تونس ألف طفل مصابون بمرض Xeroderma Pigmentosum ، وهي أعلى نسبة في العالم، هؤلاء الأطفال ليسوا فقط أبناء القمر بل أبناء هذه الحياة التي تحتضننا جميعنا باختلافاتنا اللامتناهية.
إ.م