الحياد كان المبدأ الذي قامت عليه السياسة الخارجية لتونس منذ الأستقلال لكن هذا المبدأ المقترن أيضا بعدم التدخل في المسائل الداخلية للدول و احترام الشرعية الدولية تخلت عنه تونس في سياستها الخارجية عندما تولى منصف المرزوقي الرئاسة و جاء الباجي قايد السبسي لتستعيد معه الدبلوماسية التونسية تقاليدها ففي الملف الليبي مثلا حافظت تونس على نفس المسافة من الطرفين المتنازعين حكومة الوفاق المدعومة من المجلس الأعلى للدولة و المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الليبي المدعوم من مجلس النواب السلطة الوحيدة المنتخبة و الحكومة المؤقتة المنبثقة عنه في شرق ليبيا.
و مع صعود الرئيس قيس سعيد للحكم يبدو أننا سنعود إلى محور الإصطفاف فقد كان أول أتصال يجريه سعيد حتى قبل الإعلان النهائي عن النتائج مع فائز السراج رئيس حكومة الوفاق التي لا تسيطر ألا على جزء صغير من ليبيا و لم يتواصل إلى حد الآن-على الأقل في مستوى البلاغ الرسمي- مع الحكومة المؤقتة شرق ليبيا بل أستقبل أمس رئيس المجلس الأعلى للدولة القيادي الأخواني و السجين السابق في غوانتنامو خالد المشري و هو ما يؤكد عدم الحياد في الملف الليبي دون أعتبار لمصالح تونس العليا.
فالمجلس الأعلى للدولة فقد شرعيته اذ أن أتفاق الصخيرات الذي جاء بحكومة الوفاق و المجلس الأعلى للدولة ينص على أن هذا الهيكل – أستقال أغلب أعضائه و يسيطر عليه الأخوان – تنتهي صلاحياته بعد عام واحد و لكنه مازال يواصل عمله بعد عامين من إنتهاء صلاحياته!
فماذا سيحصل في علاقتنا مع الجارة ليبيا لو طويت صفحة المجلس الأعلى للدولة و حكومته و أنتقل مجلس النواب الليبي إلى طرابلس العاصمة الشرعية لليبيا خاصة أن الوضع الميداني يرجح ذلك و في وقت قريب؟