تونس – “الوسط نيوز” – القسم السياسي
بعد ثماني سنوات و نصف من مغادرته السلطة توفي الرئيس السابق زين العابدين بن علي في منفاه ظهر أمس في المملكة العربية السعودية التي إلتجأ إليها بعد “الثورة” التي أطاحت بنظامه في 14جانفي 2011.
بن علي هو ثاني رئيس تونسي منذ أعلان الجمهورية لكنه أول رئيس يموت في المنفى في غياب حتى مجرد نعي رسمي بعد أن اظطر لمغادرة البلاد بعد أنتفاضة شعبية ضد حكمه و ضد الفساد الذي أستشرى في عهده و خاصة نفوذ عائلته وأصهاره الذين استولوا على الشركات الكبرى إضافة إلى الحصار الذي فرضه على الناشطين في الحياة السياسية و الجمعياتية.
و بعد ثماني سنوات من مغادرته الحكم تؤكد عديد أستطلاعات الرأي خاصة الأجنبية أن عديد التونسيين يحنون إلى زمن بن علي خاصة في المستوى الأجتماعي و الأقتصادي.
الحرية لكن !
رحيل بن علي عن عمر يناهز الثالثة و الثامنين عاما (من مواليد 1936) يعيد إلى أذهان التونسيين ضرورة تقييم سنوات حكمه فقد قاد البلاد في فترة صعبة كانت فبها مهددة بأنقلاب حركة الأتجاه الأسلامي من خلال المجموعة الأمنية التي قررت تنفيذ الأنقلاب في 8 نوفمبر 1987 بشهادة القيادي في حركة النهضة منصف بن سالم رحمه الله وزير التعليم العالي في أول حكومة للترويكا الذي أعترف بالتنظيم السري و مخطط الأنقلاب الذي أفشله بن علي.
فبن علي أنقذ البلاد من أنقلاب حركة النهضة و تنظيمها السري ونجح في إعادة أحياء الأمل و أنهى حكم الزعيم الحبيب بورقيبة الذي كان أنذاك يعاني من أمراض مزمنة تمنعه من ممارسة صلاحياته الدستورية على أكمل وجه و قد جاءت مبادرة بن علي لإنقاذ النظام في الوقت المناسب لذلك أستقبلها التونسيون بكثير من الأرتياح و الأمل طيلة حكمه الذي ناهز ربع قرن حقق بن علي الكثير من المكاسب الأقتصادية و الأجتماعية مما وفر معدلات تنمية محترمة لكنه في المقابل أرتكب أخطاءا قاتلة كانت السبب الأساسي في سقوط نظامه و أولها زوجته ليلى بن علي التي أصبحت الرئيسة تقريبا في غياب شبه كامل له و قد لوحظ هذا خاصة في الحملة الأنتخابية الأخيرة 2009 و فسح المجال لعائلته و أصهاره للعبث بالدولة و مؤسساتها.
و يكفي أن نتذكر أن صهره صخر الماطري أشترى مؤسسة دار الصباح و أسس محطة إذاعية دينية لمغازلة الإسلاميين و أسس بنكا أسلاميا و أقتنى أيضا أكبر شركة أتصالات تونيزيانا كما تولى صهره الثاني إدارة أورنج تونس و هو مروان مبروك في حين يدير صهره الثالث بلحسن الطرابلسي عشرات المؤسسات كانت تابعة للدولة.
التاريخ سيحاكم بن علي…
رغم كل التجاوزات التي قام بها بن علي في مستوى الحريات إذ ضيق على الصحفيين و الناشطين السياسيين و الجمعيات و الأحزاب السياسية و سعيه لبناء نظام أستبدادي و منحه الأمتيازات و تأشيرات الصحف والمواقع الألكترونية الموالين له ولاءا أعمى لا يمكن أن نتجاهل الأنجازات التي حدثت في عهده في المستويين الأجتماعي و الأقتصادي و التي تترجمها الأرقام و النسب.
فبن علي ليس “ملاكا و لا “شيطانا” لكنه قاد البلاد في فترة صعبة أمنيا و سياسيا و أقتصاديا و نجح في المرور بتونس من هذه المرحلة و كان من المفروض أن ينسحب في 2004 في آخر دورة أنتخابية لكنه أصر على المواصلة و تنقيح الدستور و لهذا السبب خرج من الباب الصغير لكن هذا يجب أن لا يحجب عنا أن بن علي في 7 نوفمبر 1987 أنقذ تونس من مصير محتوم كان يعد لها بعد يوم واحد.
رحم الله بن علي و غفر له و سيقول التاريخ يوما ما رأيه فيه و تلك الأيام نداولها بين الناس…