أحتفلت تونس أمس بالذكرى الثالثة و الستين لصدور مجلة الأحوال الشخصية التي غيرت المجتمع التونسي و منحت المرأة موقعا في المجتمع لا يتوفر في أي بلد عربي و أسلامي بل أن بعض الحقوق التي منحتها المجلة للمرأة التونسية كانت سابقة حتى على المرأة الأوروبية مثل حق الإجهاض الذي مازال ممنوعا في بعض الدول الأوروبية.
و نتيجة الإصلاحات التي قام بها الزعيم الحبيب بورقيبة من خلال مجلة الأحوال الشخصية تغير المجتمع التونسي و أصبحت هناك خطوطا حمراء لا يمكن التراجع عنها أو التشكيك فيها و قد حسمت التونسيات في 2014 معركة الرئاسية عندما منحت مليون أمرأة تونسية أصواتهن للباجي قايد السبسي رحمه الله.
و بعد أن كانت قادةالحركة الإسلامية في تونس يدعون لمراجعة مجلة الأحوال الشخصية أصبح ذكرى صدورها مناسبة للأحتفال إذ أصدرت حركة النهضة أمس بيانا بإمضاء رئيسها دعت فيه إلى مزيد تمكين المرأة من مواقع متقدمة في الأحزاب و في هياكل الدولة لأنها تتمتع بالكفاءة على حد عبارة البيان و لم تعد مكملة للرجل كما جاء في النسخة الأولى من الدستور الذي كان للنهضة الدور البارز فيه.
و «أحتفاء» حركة النهضة اليوم بمجلة الأحوال الشخصية ليس إلا مسايرة للمزاج الأنتخابي ذلك أن النهضة لا تريد أن تخسر أصوات النساء لكنها في المقابل لا تريد ا ن تمضي بعيدا في الدفاع عن المساواة و الحريات الفردية بدليل وقوف كتلتها ضد مبادرة الباجي قايد السبسي للمساواة في الإرث.
فالواضح أن الحركة بعد ا ن كانت تدعو إلى مراجعة مجلة الأحوال الشخصية و أعتبارها سببا في أرتفاع نسبتي العنوسة و الطلاق و الدعوة ضمنيا إلى التراجع عن منع تعدد الزوجات تحولت إلى موقف جديد بتهنئة التونسيات و التونسيين بصدور مجلة الأحوال الشخصية ففي السياسة و خاصة عند الأسلاميين تغيير المواقف بدرجة 18 بالمائة جائز و ستبقى مجلة الأحوال الشخصية الحصانة التي نسجها الزعيم الحبيب بورقيبة لحماية المجتمع و تثبيت مشروع التحديث و هو ما شكل عقدة للإسلاميين لم يجدوا حلا لتجاوزها.
رحم الله الزعيم الحبيب بورقيبة لقد كان سابقا لعصره مؤمنا بالتقدم و منحازا لتونس