تونس – “الوسط نيوز” – القسم السياسي
شكل أختيار حركة النهضة خوض الأنتخابات الرئاسية بمرشح حزبي تحولا لافتا في مسارها السياسي و جاء أختيارها بعد خلافات ظهرت للعلن و أصبحت حديث الشارع و قد أختارت أحد مؤسسيها عبد الفتاح مورو الذي كان مع راشد الغنوشي من مؤسسي الجماعة الأسلامية التي ظهرت في أواخر الستينات و تحولت إلى الأتجاه الأسلامي سنة 1981 ثم حركة النهضة في 1988.
و رغم أن علاقة مورو بالحركة تخللتها فترات شد و جذب إلى حد تبرؤه منها و من الأنتماء إليها بعد جريمة باب سويقة التي قتل فيها حارس لجنة تنسيق التجمع الدستوري الديمقراطي بباب سويقة بعد ان تم تقييده و حرقه حيا على طريقة داعش اليوم؛ رغم أنسحابه بقي مورو او كما يحب أن يسميه قيادات الحركة «الشيخ» رمزا من رموز الحركة بجبته التونسية و عمامته الزيتونية ليضفي بذلك طابعا تونسيا على حركة أختارت منذ تأسيسها منهج الأخوان المسلمين و ظل مشروعها أخونة المجتمع وتطبيق الشريعة الإسلامية الحل المؤجل.
و في كل ظهور أعلامي يحاول مورو أن يبرز كشخصية تونسية متسامحة تمثل الأسلام المالكي الزيتوني المعتدل و المتسامح إلى حد يتحول فيه في بعض البرامج إلى «مطرب» و يتحدث عن خصوصيات حياته يتهرب عادة منها أنصار الحركة و خاصة قياداتها التاريخية كما يؤكد بأستمرار على أن أبنته غير محجبة للتأكيد على قطعه مع الا خوان المسلمين و أنتمائه ل«الأسلام السياسي» و قد كانت كل هذه المعطيات سببا مباشرا في أختياره ليكون مرشح الحركة لمنافسة بقية المترشحين الذين يرفع أغلبهم شعارات الوسطية و الاعتدال و الإرث البورقيبي و يمكن أعتبار مورو ظاهريا أقل الأسلاميين عداءا للزعيم الحبيب بورقيبة.
هذه الصورة «الناصعة» لعبد الفتاح مورو قياسا بعتاة الأسلاميين لن تنسي التونسيين بعض مواقف مورو التي كشف فيها عن حقيقته الأخوانية و آخرها الشريط الذي ظهر فيه مع وجدي غنيم سنة 2012 محاولا إقناعه بتأجيل أعلان بعض المواقف في أنتظار ظهور جيل جديد تربى في مدارس تحت حكم حركة النهضة لأن «أجيال مدرسة بورقيبة» لا أمل فيها «حاجتنا بأولادهم» أنها الكلمة المفتاح التي تلخص حقيقة «أنفتاح» مورو فهو ليس أكثر من «ماعون صنعة» كما تكشف مقاطع أخرى من خطب مورو حقيقته الأخوانية و تمثيله للغنوشي في مؤتمرات الأخوان المسلمين في تركيا و باكستان و قطر و علاقته بزعيم الإخوان القرضاوي و تقبيله لرأس وجدي غنيم!
و في الحقيقة أنتماء مورو لتنظيم الأخوان المسلمين و تطرفه ليس جديدا فالبيان الشهير الذي كفر فيه المرحوم محمد الشرفي سنة 1989 وزير التربية و التعليم العالي أنذاك الذي منع الحجاب في المؤسسات التربوية بأعتباره لباسا طائفيا سيبقى دليلا ثابتا على حقيقة عبد الفتاح مورو الذي يحاول اليوم الظهور بمظهر الشخصية التونسية المعتدلة و المستنيرة لكن هل سينسى التونسيون من دعا وجدي غنيم الذي كفر الرئيس الراحل وكفر من يحزن عليه لسرقة أبنائهم و تحويلهم إلى أرهابيين؟!
أعتقد أن إرث مورو الا خوان سيبقى يلاحقه مهما أرتدى من ملابس تونسية «جبة بدعية عمامة» تذكر التونسيين بشيوخ الجامع الأعظم مثل الشيخان بن عاشور وسالم بوحاجب و الظاهر الحداد و غيرهم من رواد الأصلاح فالفكر المستنير ليس جبة يا شيخ مورو!