. ادعاء إيران العداوة مع إسرائيل وأمريكا ليس كاف لغضّ البصر عن تمدّدها في تونس……
مع تواصل الجدل حول التمدد الشيعي في تونس اعتبر الناشط السياسي والكاتب انس الشابي تصدير النموذج الإيراني إلى باقي الدول هدفا من الأهداف الإستراتيجيّة التي لم يتوقف نظام الملالي عن السعي إلى تحقيقها وذلك من خلال مفاهيم وشعارات تحوم حول حبّ آل بيت الرسول، ولم تسلم بلادنا من هذا الاختراق منذ أيام ابن علي حيث مُكنت إيران من مركز ثقافي ومن جمعيّة هي جمعية أهل البيت الثقافية سنة 2003 ومكتبة والمشاركة في معرض الكتاب .
وقد كانت كلّ هذه الأنشطة تتمّ تحت مراقبة لصيقة من الأمن وباحتشام من منظميها، بعد أحداث سنة 2011 اتسع نشاط إيران تحت ستار نشر المذهب الشيعي فأنشؤوا الحسينيات وخصّصت لهم البرامج التلفزية بجانب المكاسب التي حققوها طوال الفترة السابقة، وهو ما دفع ببعض النخب إلى التحذير من هذا التمدّد الفارسي الذي يستهدف تونس باستخدامها قاعدة لتحقيق مطامعه في المنطقة، وقد ذهبت ردود الأفعال مذاهب شتى أبرزها انحرف بالمسألة برمّتها من ملف سياسي إلى ملف عقائدي اتجه إلى القول بأن مجرد التعريض بإيران هو إحياء لخلاف سني شيعي وقع منذ 14 قرنا في حين ذهب البعض الآخر إلى القول بأنّ ادعاء إيران العداوة مع إسرائيل وأمريكا كاف لغضّ البصر عن تمدّدها في تونس. واعتبر “الشابي “أنّ هذه المواقف تصدر عن فهم مخطئ للمسألة .
فالتمدد الإيراني لا يقصد به الدفاع عن العقيدة السنية أو التشنيع على الشيعة في موقفهم من الصحابة فتلك مسائل لا معنى لها في الملف الذي نحن بصدده لأنّ الانتساب إلى مذهب من المذاهب الفقهيّة أو العقدية لا أثر له في سلوك التونسي ولا في أفهامه فهو انتماء تاريخي لا نجد له أثرا ملموسا في حياتنا إلا من خلال بعض العادات والتقاليد كالذبح والعصيدة والملوخية وعاشوراء قديما .
أمّا ما يروّج له من متن ابن عاشر عن “عقد الأشعري وفقه مالك وفي طريقة الجنيد السالك” فليس إلا من باب الانتماء الوهمي الذي يبرّر الإبقاء على الغطاء الديني الرسمي، فالخلافات بين التونسيين اليوم تدور حول المضامين السياسيّة والانتماءات الطبقيّة والمصلحيّة وإن قدّمت تحت غطاء قال الله قال الرسول.
فالتشيّع مدارس منه المدرسة الخمينيّة التي قامت على مفهوم ولاية الفقيه في كلّ مناحي الحياة وهي السائدة في إيران ومدارس أخرى ترفض ولاية الفقيه العامة وتجعلها مقيّدة وأصحاب هذا الرأي من كبار المراجع الشيعيّة منهم من انفرد به الخميني بالقتل والتنكيل. وجب أن نفرق بين المدرستين فلا نعمّم بالقول إن الذين يعترضون على سياسة إيران تجاه بلدنا هم يعترضون على التشيّع أو يستهدفون حقوق الإنسان أو يكفّرون الشيعة وغير ذلك لأن اعتراضنا منصب على المشروع الإيراني ممثلا في تصدير الثورة القائمة على مفهوم ولاية الفقيه وليس على التشيّع من حيث هو عقيدة وفقه ودين.
والاكيد ان التمدّد الإيراني في بلادنا تحت غطاء مذهبي يستهدف الاستحواذ على القرار الوطني من خلال الجمعيّات والحسينيّات والبرامج التلفزية وغيرها، فالوقوف ضدّ هذا الخطر عقلا وواقعا يجب أن يجمع الفرقاء السياسيّين أيا كانت تسمياتهم لأن ما يفرض توحّدهم هو الحفاظ على استقلالية القرار الوطني.. أما الحديث عن الخارج والمؤامرات فهراء لتحويل الأنظار عن الجريمة التي ترتكب في حقّ الوطن.
فالدفاع عن نظام الملالي بذريعة عداوته لإسرائيل وأمريكا فساد في الرأي والاستدلال فالسياسة التي تهمّ بلادنا لا تبنى على عداوات أو صداقات الآخرين، الأصل أنّ المحدّد في ضبط علاقاتنا هي مصلحتنا أوّلا وأخيرا، البرنامج النووي الإيراني هو لصالح إيران وموقف أمريكا منه لأنّه يهدّد نفوذها في منطقة الخليج.
فهل من المعقول أن نغمض اعيننا عما يتهدّدنا من نظام الملالي بالوقوف في صفّه بوهم عداوته لأمريكا التي هي حليف لإسرائيل التي اغتصبت الأراضي العربية ونحن عرب!!!؟؟؟
ولا خلاف ان هذا المنطق مفلس لأنه يضر بمصلحتنا ويرهن قرارنا السيادي ولا يفيد الفلسطينيّين في شيء.
واجمالا وفي تقديره إيرانيو تونس على وزن الأفغان العرب.
