تونس على وقع التحديات و الانتقالات فمن الانتقال الديمقراطي اليوم امام تحد جديد و هو التحول الرقمي الذي شكل موضوع مداخلة من طرف السيد كمال العكروت بمناسبة ندوة حول موضوع الانتقال الرقمي بين الاقتصادي و الاجتماعي و الأمني و إسهام التكوين و البحث و الابتكار.
و قد بين الاميرال “كمال العكروت” أن الانتقال الرقمي كمفهوم نظري هو عملية تحول القطاعات الحكومية أو الشركات إلى نموذج عمل يعتمد على التقنيات الرقمية في ابتكار المنتجات و الخدمات و توفير قنوات جديدة من العائدات التي تزيد من قيمة منتجاتها. كما انه يخلق فرص لتقديم خدمات مبتكرة و إبداعية بعيداً عن الطرق التقليدية في تقديم الخدمات و يساعد التحول الرقمي المؤسسات الحكومية و الشركات على التوسع و الإنتشار في نطاق أوسع و الوصول إلى شريحة أكبر من العملاء و الجمهور.
في المقابل أكد أن الانتقال الرقمي و المرور إلى مرحلة الاقتصاد الذكي على جمالية مفاهيمها و فوائدها الكبيرة الا انها تمثل واقعيا وعمليا تحدّيا لبلادنا على المستوى الاقتصادي و الاجتماعي و الأمني و عليه أصبح من الضروري إعادة النظر في تطوير منظومات التكوين و البحث و الابتكار و تأقلمها مع ما يشهده العالم الرقمي من تطور سريع و تركيز تعاون قوي و ثابت بين القطاع العام و القطاع الخاص.
و كما هو معلوم حسب ذكره فان الانتقال الرقمي تصاحبه تغييرات في مختلف الأنشطة الاقتصادية و الاجتماعية و مخاطر أمنية متنامية تستوجب التعاطي معها بالجدية الكافية. حيث أن الجوانب الأمنية المرتبطة بالانتقال الرقمي تعتبر سيادية تستوجب إدراجها في برامج البحث العلمي و كذلك في التكوين الجامعي لكونها تمسّ من الأمن القومي بكل تفرعاته و لا يخفى على احد أن شبكات الجريمة المنظمة العمود الفقري للارهاب تشتغل بدورها على هذه المفاهيم ناهيك و انها تخوض حروب الجيل الرابع في الارهاب.
و تابع أن التغييرات الجذرية التي يفرضها الانتقال الرقمي تفرض بالضرورة اليقظة التكنولوجية و هي ليست مفهوما مسقطا من فوق بل يتطلب مواكبة من حيث التكوين الجامعي و البحث العلمي و تطوير ادوات العمل الرقمي لمسايرة هذا الانتقال الرقمي باستشراف مهن المستقبل و البحوث التشاركية بين الجامعة و مراكز البحث مع المؤسسات و الشركات الناشئة و هو في حد ذاته challenge أخر يفرض نفسه على وزارة التعليم العالي حتى تكون في مستوى اللحظة خاصة و ان العالم يعيش تحولا تكنولوجيا رقميا ضخما و متسارعا.
و اضاف “العكروت” انه لا تنمية بدون بحث علمي و لا حلول للازمات الاقتصادية دون تكوين جامعي مساير للمستجدات في العالم . فالعلم و البحث و الابتكار سيبقى دائما المقياس الوحيد لكل محاور التنمية و لتطور أي بلد في العالم كما انه يُعتبر آلية من الآليات المُجدية في معالجة ملفات و قضايا ساخنة المضامين كمعضلة تحقيق التنمية الشاملة عبر استعمالات التقنيات الرقمية الحديثة و مواكبتها و كذلك المساهمة في إنتاجها و تطويرها في إطار شراكة مع المؤسسات الحكومية فيما بينها من جهة أو حكومية و خاصة من جهة أخرى.
و شدد “الاميرال العكروت” أنه لا تطور و لا شغل و لا افاق في غياب الاستثمار في المعرفة و التكنولوجيا الرقمية و ان تونس رغم كل خطابات الياس و التحقير و ضعف الامكانيات فهي لديها عشرات المدارس العليا للمهندسين و 900 أستاذ جامعي و باحث و 33 مؤسسة بحث و 10 أقطاب تكنولوجية.
و ان اليوم العين على الاجيال القادمة حيث لدينا 65 بالمائة من مهن المستقبل لتلاميذ التعليم الأساسي و لا مناص من مواجهة الفجوة الرقمية فالثروة الحقيقية اليوم هي المعارف الذكية المطلوب هو رفع سقف التحدي إلى الاعلى و تغيير التشريعات وفتح قرائح الجامعيين على البحث.
و أضاف أن تونس تعج بالكفاءات و الطاقات و هي “المادة الشخماء” التي اشار اليها الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة.