أونيفار نيوز – ثقافة نورالدين بالطيب يلتقي ظهر اليوم الخميس رواد المكتبة الجهوية بصفاقس مع الكاتب المسرحي بوكثير دومة في حوار حول روايته الاولى الصادرة عن دار خريف ” بغل درغوث” .
مسيرة طويلة قطعها بوكثير في الكتابة للمسرح والإذاعة وسيفتتح مهرجان الحمامات الدولي بمسرحية ” عطيل ” .
عن مسيرته وغيابه عن التلفزة والشريط السينمائي حول ذكرى محمد تحدث دومة ل” أونيفارنيوز “
•
– لأوّل مرّة تنشر رواية، كيف انتقلت من المسرح إلى الرّواية؟ لماذا؟
– الكتابة للمسرح لا تتّسعُ لكلّ خيالِ الكاتب.. يظلّ الكاتبُ المسرحيّ مقيّدا بذائقة وبرُؤى بقيّة المتدخّلين في العرض المسرحي.. جُلّ المسرحيّات التّي نُفّذتْ لي لم أكن راضيا عن تنفيذها. المخرج والممثّلون ومصمّمو الاضاءة والموسيقى والملابس وغيرهم – كلّهم – يقضمون حلمك الذّي رسمته على الورق. أمّا الرّواية فأنت الحالمُ وأنت الحُلمُ – أنت لا غير- أنت المخلوقُ وأنت الخالقُ.. الرّواية تجعلك في حلولٍ تامّ مع عالمك الذّي تنفرُه والذّي تحبّه في آنٍ.. بقيتُ خمسَ سنواتٍ تائها بين أحداث روايتي الأولى ( بغل برغوث ) لم أكن مستعجلا على إتمامها، خِفتها أن تكبر وتتمرّد عليّ.. أنا أنانيّ مع نصوصي، أبويّ متسلّط لا أُحتَمَل.. غير أنّ الرّواية خرجت أخيرا للنّاس.. كان زفافها أيّام المعرض الدّولي للكتاب.. سلّمتُها لأيادٍ أمينة في دار خريّف للنّشر والتّوزيع فأخرجوها في أحسن حُلّة.. لا أرجو لها الآن إلاّ طول العمر وأمانة المتلقّين وطِيبَ المَعشر.
– كتبتَ الكثير من المسلسلات الإذاعيّة، لماذا لم نشاهد لك مسلسلا في التّلفزة؟
– كلّ أعمالي الدراميّة المسموعة كنت أستمدّ أحداثها من التّاريخ ( داحس والغبراء / أصحاب الأخدود / الدّغباجي / جند القطا… ) وغيرها كثير، ولأنّ الإنتاج الإذاعي لا يتطلّب موازنة ماليّة ضخمة فقد وجدتُ في الكتابة للإذاعة متعة وتحقيقا لاختياراتي.. اقترحتُ على التّلفزة أكثر من سيناريو، أوّلهم ابن خلدون، اشتغلت على كتابته عاما ونصف تحت نظر المخرج شوقي الماجري، كان ذلك منذ سنة 2008 ولكن التلفزة إلى حدّ اليوم لا تفكّر في ابن خلدون.. ثمّ اقترحتُ سيناريو آخر عن السيّدة المنوبيّة، عن الصّوفيّة الشعبيّة وليس الطرقيّة… فكّرت في أنّ الدراما الرّوحيّة قد تكون مُغرية وأقلّ تكلفة، فلا هُم وافقوا على العقلانيّة(ابن خلدون) ولا على الرّوحانيّة ( السيّدة المنوبية) فتركتُهم. رحم الله الفنان شوقي الماجري.
– عطيل تفتتح الحمّامات، ماذا تمثّل لك هذه التّجربة؟
– أعتقد أنّ الكتّاب يتلذّذون دائما بتعذيب أنفسهم وإلاّ ما معنى أن أقبل العودة لشخصيّات شكسبير بعد أن استنطقتها سابقا في تجربة ( أو لا تكون ) مع أنور الشعافي… هذه المرّة وبطلب من الصّديق حمّادي الوهايبي وجدت نفسي وجها لوجه مع عطيل فلم أتردّد، ولأنّ المسرحيّة ستكون للمركز الثقافي الدولي بالحمّامات فهذا ما لا يرفضه عاقل.. أنا مستمتع إلى حدّ الآن بهذه التّجربة ( عطيل .. وبعد ) زاوية نظر جديدة لمسألة شمال / جنوب وفريق عمل محترف يعمل ليل نهار لتقديم فرجة تليق بنا وبالجمهور وبمهرجان الحمّامات.
– فيلم ذكرى، أين وصل؟
– عجلة الإنتاج السينمائي ثقيلة إن لم نقل أنّها شبه معطّلة.. سيناريو فيلم ( ذكرى الشقّة 112 ) منذ سنتين وأنا أقلّبه مع المخرج الحبيب المستيري.. التعطيلات كثيرة لكنّ المشروع مازال قائما. الأحداث ليست توثيقيّة إلاّ بمقدار، إنّما النّهاية التراجيديّة للفنّانة ذكرى أغرتني بالكتابة، إذ كيف تُرى يتصرّف شخص مُقبل على الحياة قبل وفاته بسويعات؟ أيّة أنباء تأتيه من السّماء؟ هنا يهمّنا الإنسان أكثر.
– ما هو تقييمك للوضع الثقافي بشكل عام اليوم في تونس بعد 14 عام من(الثورة)؟
– الوضع الثقافي متروك والمثقّف غريب في وطنه، جلّ أحلامه لا تتحقّق، لذلك يلجأ بعض الفنّانين إلى سفاسف الأمور، إلى أكل العيش بما يليق وبما لا يليق.. لا أحد ممّن جاء من السياسيين بعد 14 جانفي له مشروع ثقافي.. إنّهم لا يعلمون أنّ فلما واحدا جادّا أقوى من مائة دبّابة وأنّ مسلسلا واحدا مدروسا خير من عشرات الدّوريات الأمنيّة، وأنّ الأوطان التّي تُبنى على المفاخرة بأعلامها وتاريخها وتراثها لا تسقط من الدّاخل أبدا.