تونس – اونيفار نيوز يبدو أن العلاقات المتوترة منذ عقود بين المغرب و الجزائر قد دخلت منعرجا يقضي على كل بصيص أمل في تجاوز حالة التوتر إلى نوع من الهدوء الذي تفرضه سياقات المرحلة و أيضا ما يجمع بين النظامين الجزائري و المغربي من ” تاريخ مشترك ” و انتماء إلى ” مؤسسات ” تبين عجزها و نعني الجامعة العربية و اتحاد دول المغرب العربي.
فقد دخل النظامان مرحلة ” اللاعودة” بعد ان أعلنت الجزائر أنها ستفتح مكتبا لما يسمى ” جمهورية الريف المغربية ” و أعلنت الرباط أنها تدعم مطالب ما اسمته ” شعب القبايل ” .و هذا يعني أن الاخوة الأعداء اصبحوا يتحركون في المناطق الحرجة و يحركون ملفات تمثل أساس الشرعية السياسية و الترابية في كل من الجزائر و المغرب . ذلك أن في الحديث عن ” جمهورية الريف ” ضربا للنظام الملكي الذي لا تريد العائلة المالكة في المغرب أن يكون للشعب المغربي تنظيم سياسي خارج النظام الملكي و رسالة إلى منطقة ظلت لمدة طويلة محسوبة على بلاد ” السيبة” التي ترفض أن تعلن ” الطاعة ” لبلاد ” المخزن”.
في الجهة المقابلة فإن التوتر بين النظام المركزي في الجزائر و بعض التيارات السياسية التي تبحث عن تمايز أو حتى ” انفصال” يبرز الهوية الأمازيغية ليس جديدا و يعيده البعض إلى مرحلة السنوات الأخيرة التي سبقت استقلال الجزائر .
و هناك خشية في دوائر الحكم في الجزائر من أن يقع الالتقاء بين ” التطلعات القبايلية” و الحراك الإجتماعي و هو ما من شأنه أن يعقد الأوضاع.
الحديث عن تعقيد الأوضاع يحيل إلى أن الخطوتين التصعيديتين يأتيان في سياق ” غير ملائم ” سواء بالنسبة للمغرب أو للجزائر . المغرب يشهد تطورا اقتصاديا مؤكدا و لكنه يشكو سياسيا من بوادر تصدع داخل العائلة المالكة يتغذى بغموض الوضع الصحي للملك محمد السادس هذا دون أن ننسى تنامي الفوارق الاجتماعية و ايضا توسع الرفض للتطبيع مع الكيان الصهيوني.
ليس النظام الجزائري أفضل حالا خاصة في مستوى ادارة السياسة الخارجية. تشكو الجزائر من متاعب مع الدول التي تقاسمها حدودها الجنوبية و لم تتخلص بعد من المخلفات المعنوية السلبية لإغلاق باب منظمة ” البريكس ” في وجهها علاوة على أن دعمها لفلسطين لم يتجاوز المستوى اللفظي و هو ما يحد من شعبية نظام يروج خطابا ” ثوريا” و متمحورا حول أهميته في الخارطة الاقليمية و الدولية. هذا يعني أن ” تصدير الأزمة ” نحو ” الجار اللدود” يمكن أن يحقق لكل من النظامين المغربي و الجزائري أهدافا في ما يتعلق بتحريك الداخل و تحويل اهتمامه أو في التموقع في لعبة التحالفات الدولية.
و يضاف إلى ذلك عامل آخر و هو أن إيصال الأزمة إلى حد المواجهة العسكرية يمكن أن يعيد خلط الأوراق في ملف الصحراء الغربية و أن يوجه القيادات العسكرية في البلدين إلى محور اهتمام يبعدها قليلا عن الشؤون الداخلية.