أعتبر القيادي في حركة النهضة نور الدين البحيري الذي وقّع بأسم حركة النهضة على الميثاق الوطني زمن بن علي أن من لن يصوّت لقائمات النهضة في التشريعية و لقيس سعيد في الرئاسية إنما يصوت للمافيا و “الصبايحية”!
و بغض النظر عن إقرار البحيري ضمنيا بتحالف حركته مع المافيا ممثلة حسب زعمه في نداء و تحيا تونس و التكتل و المبادرة سابقا و غير ذلك من أحزاب مرتبطة بالمنظونة القديمة أو منظومة “الصبايحية” كما سماها فإن عودة النهضة إلى الخطاب “الثوري” و ترويجها لقيس سعيد كمرشح” طاهر” و “ثوري” – و تحول راشد الغنوشي إلى شبه مدير حملة سعيد- تذكرنا بالترويج لطارق البوعزيزي و هو الأسم الأصلي لمحمد البوعزيزي رحمه الله الذي أصبح فجأة من أصحاب الشهادات العليا المعطلين على العمل مع رمزية أسم محمد في المخيال العربي الأسلامي لإنجاز الربيع العربي الذي نلاحظ تداعياته في كل الدول العربية التي أحترقت بنيرانه.
الجزء الثاني من الربيع العربي
ليس صدفة أن يتزامن الحديث مع إجلاء الإرهابيين العالقين في سوريا مع تنامي الإحتجاجات في الجزائر و الحديث عن توطين اللاجئين إلى أوروبا في تونس و تعهد الأتحاد الأوروبي بتوفير الدعم لتونس لإستقبالهم مع صعود مرشح غامض هو قيس سعيد تبين فيما بعد أن وراءه آلة إعلامية ضخمة مجهولة التمويل و الوجهة وقد يكون سعيد نفسه غير واع بالمخطط الذي يتم أستعماله فيه.
فصعود حركة النهضة مع سعيد هو مشروع مقدمة لإنجاز النصف الثاني من الربيع العربي كما يسمونه بأستعمال الشباب المحبط من “السيستام” و الترويج لسعيد بأنه المنقذ و البديل في الوقت الذي يقبع فيه منافسه في السجن دون حكم قضائي و في شبهة جريمة أقتصادية غير موجبة للسجن!
و مع أقتراب موعد الحسم الأنتخابي في 6 و 13 أكتوبر تبدو البلاد قادمة على المجهول و مرحلة مفتوحة على كل الأحتمالات بعد حوالي عشر سنوات من إنهاك الدولة و أختراق أجهزتها و هي المهمة التي قادتها و تقودها حركة النهضة بأقتدار كبير و حرفية عالية تستعمل فيها حلفائها و لا تظهر في الواجهة منذ قبولها ب”الخروج” من الحكم في ما يعرف ب”الحوار الوطني” الذي منحها “صك الغفران” و مكنها من الحكم عبر وكلاء من مهدي جمعة إلى الباجي قايد السبسي إلى يوسف الشاهد.
التشكيك الدولي…
المؤشرات الأولى تؤكد أن قيس سعيد سيكون في طريق مفتوح نحو قصر قرطاج بعد حملة الشيطنة التي يتعرض إليها نبيل القروي و عجزه عن الدفاع عن نفسه في حين مازالت نتائج التشريعية غامضة و قد لا تكون فيها حركة النهضة هي صاحبة الكتلة الأولى و قد تكون نتيجة هذا المسار العجز عن تشكيل حكومة مع رئيس في قرطاج فاقد لأي تجربة سياسية و لا إدارية مع تصورات مثالية و ثورجية لا تتلائم مع منطق الدولة يرافق ذلك تشكيك دولي في نزاهة الأنتخابات و هو ما سيؤثر بلا شك على حماس المانحين من مواصلة دعم الأقتصاد التونسي النائم في غرفة الإنعاش منذ سنوات في مواجهة شتاء عاصف إذ سيستيقظ كل الذين ساندوا شعار “ضد السيستام” على أنه لا سعيد و لا حزب قلب تونس و لا غيره من الأحزاب التي يمكن أن تشكل الحكومة يملك عصا سحرية لتغيير الواقع التونسي الهش.!
إن تأكيد نبيل بفون على أن هيئته ستنظم الأنتخابات حتى في غياب القروي و على الجميع تحمل المسؤولية فيه إشارة ضمنية على إمكانية إسقاط نتائج الأنتخابات قضائيا بكل ما يمكن أن ينجر عنه من أضطرابات و هو موقف يلتقي في إشارة السفير الأمريكي السابق والز الذي كتب على أن تونس تسير نحو المجهول في إشارة ضمنية للمرشح الغامض كما سماه قيس سعيد وحركة النهضة.
ورغم كل الإشارات الحمراء حول خروقات المسار الأنتخابي من وضعية نبيل القروي إلى أستعمال المال والدعاية خارج محددات هيئة الأنتخابات مازال الحفل التنكري مستمرا ومازال بعض القوى “الثورية” تسبح بحمد جنة الأنتخابات في أنتظار أن نستيقظ يوما لنجد أنفسنا وسط الخراب التام لا قدّر الله.
تونس فعلا على حافة الهاوية…!!