
تونس -أونيفار نيوز-سنة 2011 لم تتفطن قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل أيامها إلى أنها بمشاركتها في الهيجة المفتعلة ضد النظام السابق تحفر قبرها بيدها وأن القادمين الجدد لا تعنيهم الحريات ولا الديمقراطية ولا غيرها من الكلمات التي كانوا يسوّقون بها مشروعهم الأساسي وهو تدمير الدولة الوطنية والقضاء على مؤسساتها، شاركت قيادة الاتحاد في هذه الجريمة وزادت في الطنبور نغمة لمّا أجّجت الأوضاع الاجتماعيّة بوهم كسب نقاط سياسية والحال أنّها لجهلها بطبيعة القادمين الجدد اعتقدت أنها ستكون لاعبا أساسيا في منظومتهم، القادمون الجدد هم الإسلاميون بجميع طوائفهم بدء بالنهضة إلى اليسار الإسلامي مرورا بالسلفية بأنواعها وحزب التحرير والشيعة وغيرهم، هؤلاء جميعهم يحملون برنامجا وحيدا هو تدمير الدولة الوطنية لإقامة دولة دينية أيا تكون مسمياتها دولة المرشد أو الخلافة أو الجمهورية الإسلاميّة، ولن يتمكنوا من ذلك إلا بتدمير البنى السابقة وعلى رأسها الأحزاب فكان الأول في القائمة التجمع الذي انهار لأسباب كثيرة ليس هنا محل تفصيلها و الثاني هو الاتحاد العام التونسي للشغل أكبر تنظيم عمالي بحيث لم تتوقف هرسلته منذ سنة 2011 بإنشاء نقابات موازية والهجوم على مقراته والتهديد بتجفيف موارده كما صنعوا مع اتحاد المرأة وبإثارة القضايا ضده والحملات الإعلامية التي لم تتوقف، ولحدّ الساعة ما زالت القيادة النقابية تعتقد أن خلافها مع منظومة 2011 هي خلافات جزئية يمكن أن تحل بالتنازل أحيانا وبالضغط أحيانا أخرى، ولأنّ هذه القيادة لا تمتلك معرفة بهذه المنظومة بقيت تراوح مكانها تارة بالتنازل وأخرى بالضغط دون أن تعي أن المستهدف هو وجودها ذاته بإلغائها تماما من الخارطة المجتمعيّة وهي القناعة التي تشترك فيها كلّ التيارات الإسلامية التي تخلط الدين بالسياسة وعبّر عنها راشد الغنوشي بجملة قصيرة مدسوسة في مقال جاء فيه: “والحركة النقابية حركة قديمة شريكة في النضال الوطني، وعلى أساس التحالف بين الحزب الدستوري وبينها قامت الدولة فالدولة الحديثة في تونس هي نتيجة تحالف عل أساس ثقافة التغريب بين الاتحاد النقابي والنظام البورقيبي…”،
الأمر الذي يعني أن المستهدف هو الدولة الحديثة التي هي دولة الاستقلال بجميع مكوناتها خصوصا منها حليفها اتحاد الشغل، أفلا تتدبرون الأمر كما ذكر أم على قلوب أقفالها.
بقلم “انس الشابي”