
تونس -أونيفار نيوز-حول ما يجري في سوريا اعتبر الدكتور محمد الحداد ان التخطيط كان في البداية تحقيق المعاهدات الإبراهيمية التي تضمن للكيان الأمن والسلام، وهي معاهدات بين دول.
نتنياهو يريد اليوم أكثر من ذلك: يريد من دول الطوق أن لا تكتفي بالانخراط في هذه المعاهدات بل تقبل بأن تكون منزوعة السلاح ونقبل بأن تجعل جزءا من أراضيها منطقة عازلة (zone tampon). يريد تقسيم غزة الصغيرة إلى جزئين أحدهما منطقة عازلة، بما سيحوّلها إلى غيتو للذين يقرّرون البقاء فيها. جنوب لبنان يصبح أيضا منطقة عازلة تحت مراقبة عسكرية إسرائيلية دون حضور برّي مباشر. كذلك جنوب سوريا يوضع تحت سيطرة الدروز. المكوّن الدرزي منقسم بين من يقبل ومن يرفض هذا المشروع، لكن الأكيد أن المنطقة الدرزية ستكون مثل كردستان العراق أي منطقة ذات حكم ذاتي، هذا إذا لم تتطور الأمور إلى دولة درزية بدعم إسرائيلي. أكراد سوريا لن يقبلوا أيضا بالانخراط في دولة مركزية سورية.
سوريا تحولت من دولة تتنازعها إيران وروسيا من جهة والغرب من جهة أخرى إلى دولة تتنازعها إسرائيل وتركيا. تركيا تسابق الزمان لإيجاد حل للمشكلة الكردية كي لا يتحول المشكل إلى حدودها، وقد لعبت أقوى ورقة لديها وهي ورقة الزعيم السابق عبد الله أوجلان.
حاول النظام السوري الحالي أن يفرض الأمر الواقع ويتدخل في السويداء لكنه لا يتحكم في جيش بل في ميليشيات متعودة على القتل والفتك. اضطر للانسحاب تحت الضربات الإسرائيلية التي وصلت إلى القصر الرئاسي. المشكل أن سيطرة الدروز على الجنوب تتطلب تهجير القبائل العربية (العشائر)، وهم يتعرضون أيضا للتنكيل. العديد من القادة الروحيين الدروز يحاولون إيجاد مخرج سلمي لكن الكيان يدفع بالاتجاه المعاكس. بالنظر إلى أن الدروز موجودون أيضا في لبنان والأردن فضلا عن الأراضي المحتلة فإن الأحداث سيكون لها تبعات تتجاوز سوريا.
في كل الحالات، سوريا الموحدة تبدو صعبة التحقيق. الدولة الوطنية أصبحت شبه مستحيلة. إما الاستبداد أو التشكل الطائفي السلمي أو العنيف. منطقة الشرق الأوسط لم تقبل بالدولة الوطنية المواطنية، كما دعوتها في كتابي “الدولة العالقة”، فلم يبق أمامها إلاّ الانقسام. الجميع يريدون دولة دينية، لكن على أي دين؟ سني سلفي؟ سني إخواني؟ سني داعشي؟ سني عثماني؟ شيعي إمامي؟ درزي؟ الخ. العلمانية كانت الحلّ، الدولة الدينية كانت الكارثة.