شهدت السنوات الأخيرة و منذ عودة الأسلام السياسي إلى المشهد و صعود حركة النهضة إلى الحكم أستهداف عديد المهن و هي أساسا المهن التي أرتبطت بالنخبة و كان لها دور في الحركة الإصلاحية و التحديثية في البلاد منذ أواخر القرن التاسع عشر بأعتبار ها الصمام الأساسي لحداثة المجتمع و مكاسبه وقد شهدنا طيلة عشر سنوات شيطنة منظمة لقطاعات الصحفيين و الجامعيين و الأطباء يضاف إلى ذلك المرأة و هو تمش خلفيتها واضحة وهي تجفيف منابع التحديث و تحويل تونس إلى بلد مثل البلدان التي نكبت بالأسلام السياسي و تنظيمات الأخوان المسلمين على غرار أفغانستان و الصومال و باكستان إلخ…
الموجة الجديدة من الأستهداف تتعلق هذه المرة بالصيادلة و هم من أكثر القطاعات تنظيما إذ أنهم ملتزمون لهامش ربح محدد مسبقا و يخضعون للرقابة و يدفعون الضرائب بأنتظام وفق هامش أرباحهم.
لكن هذه الازمة حولتهم إلى مجرد “عطارة” بل أصبح بيع مواد التعقيم مثلا في بداية الأسبوع متاحا للجميع بل تم التحكم في مسالك توزبع المواد الأساسية لصنع مواد التعقيم في المخابر الصيدلية و أتاحتها لآخرين لا صلة لهم بمهنة الصيدلي و اليوم تبرز أزمة أخرى و هي ما يعرف ب”اللثام” أو الكمامة التي تباع خارج الصيدلية و حتى التي تباع في الصيدليات لم توزعها الصيدلية المركزية بل تندرج ضمن المسلك الموازي مع تواتر أخبار عن شراء ثلاث مزودين لكل الكمية المتوفرة في السوق من القماش ليتحكموا في التوزيع ولن يكونوا وفق ذلك في حاجة إلى توزيعها في الصيدليات او الألتزام لهامش الربح الذي تحدده الصيدلية المركزية.
هذا شكل جديد من التجارة الموازية التي تتجاوز نسبتها منذ سقوط النظام السابق 50 بالمائة من الأقتصاد التونسي وبعد أن تم تدمير قطاعات النسيج والخشب والجلد عن طريق فتح السوق التونسية لسلع تركيا يأتي الدور اليوم على الصيادلة لتدمير هذه المهنة وأتاحتها للجميع و تتحول الصيدليات إلى مجرد فضاءات لبيع الأدوية في منافسة مع سوق موازية أكثر نفوذا. هذا وجه آخر لفيروس كورونا.!