مازلنا لم نتخلص في تونس من النعرات الجهوية التي تمثل بركانا صامدا تنفجر شظاياه مع كل جريمة أو حادثة يكون الفاعل فيها ينتمي إلى جهة ما، تتعلق بها قضايا سابقة أو وضعيات إجتماعية مثل حال الجريمة الأخيرة التي ذهبت ضحيتها فتاة والجاني ينحدر من ولاية القيروان، زد على ذلك مرجعية الأحداث السابقة بنفس الجهة.
كما أن القيروان تعاني من تهميش طال معها و أصبح المعرّف الوحيد لها متفوقا عن الثقافة والتاريخ لتلك المنطقة.
ألقاب حسب المنطقة
مع ارتفاع منسوب الحريات والديمقراطيات، لا يمكن غض البصر عن الألقاب الجهوية التي أصبحت معجما مستقلا بذاته، وحتى انه تطور استعمالها لتصبح عمودا في معجم الشتائم التونسية غير المقبولة اجتماعيا ولا قانونيا.
كما باتت الشتائم تتوزع حسب الجهات وحسب الممارسات كالنعوت المتعلقة بسكان الشمال الغربي من قبيل “الكاجيبي” و”حاشا المحل” و سكان الجنوب “كالجبري” و”القديم” و”الجربي المشحاح” و”الصفاقسي القرناط”، وغيرها من الاوصام التي تصل إلي استئصال الانتماءات ك”موش تونسي” كل من لا ينتمي إلي تونس العاصمة و “ولد بلاد” لسكان العاصمة، اشبه بانقسامات داخلية باعتبار الرقعة الجغرافية أو التعداد السكاني.
توسع رقعة الجهويات
سياسيا ورياضيا تتأجج الصراعات الجهوية وأحيانا يصبح الصراع أثناء الحدث أهم من الحدث ذاته فمعظم المحافل الرياضية تتأجج بوابل من الشتائم، حتى في قبة البرلمان نسمع أحيانا نعوتا جهوية.
وتعود هذه الصراعات الجهوية حسب التونسيين منذ القدم مع تطور منحى الهجرة بين المدن والتنقل وخاصة الهجرة الداخلية من المناطق الداخلية إلى المناطق الساحلية، عززت الوازع القبلي و النعرات الجهوية.
تبقى مسالة الجهويات والصراعات في تونس هاجسا لدى الكثيرين، بل ويمكن اعتبارها أحيانا قنبلة موقوتة، ربما إذا تواصلت في هذا المنحى التصاعدي الذي نشهده مع حدوث أي واقعة تعود إلى جهة ما لا يمكن حصرها فنصبح امام إمكانية حدوث صراعات كبرى مماثلة لما نراه من حروب طائفية وأهلية كما في دول أخرى.
شيماء ملاوحي