تونس – “الوسط نيوز” – قسم الشؤون السياسية
ستشيع تونس غدا لأول مرة في تاريخها رئيسا في الحكم الباجي قايد السبسي الذي وافاه الأجل صباح أمس الخميس في الذكرى الثانية و الستين للجمهورية.
فبعد ساعتين او ثلاثة تولى محمد الناصر تبعا لأحكام الدستور رئاسة الجمهورية لمدة ستتراوح بين 45 يوما و 90 يوما و أدى القسم و بدأ في ممارسة مهامه لتعطي تونس بذلك درسا أخر في الأنتقال السلمي و السلس للسلطة.
و فِي الحقيقة ليست المرة الأولى التي يتم فيها أنتقال السلطة بهذه الطريقة فتونس عبر تاريخها تميزت بنقطتين الأولى الأنتقال الفجئي و الثانية السلمي هكذا شاء تاريخ تونس من محمد لمين باي الى الباجي قايد السبسي.
فعند الإعلان عن إلغاء الملكية و تعيين الحبيب بورقيبة رئيسا للجمهورية من المجلس القومي التأسيسي حملت سيارة صغيرة محمد الأمين باي و عائلته من قصر السعادة بالمرسى الى بيت آخر على ملك الدولة مع توفير الحماية الكافية له و أنتقلت السلطة من الباي و عائلته الى الرئيس الحبيب بورقيبة في نظام جمهوري فاجأ التونسيين المقبلين أنذاك على بناء الدولة في واقع أجتماعي صعب و نسبة تعليم محدودة و لم تسجٌل أي صدامات و لا عنف و لا محاكمات.
و بالطريقة نفسها تقريبا و لأسباب صحيٌة تتعلٌق بالمرض و الشيخوخة غادر الحبيب بورقيبة قصر قرطاج في إتجاه قصر مرناق في مرحلة أولى ثم دار الوالي في المنستير.
في مرحلة ثانية و كانت الحياة تسير بنسق عادي يوم 7 نوفمبر 1987 الى حد فاجأ المتابعين للشأن التونسي في العالم فلأول مرة يغادر رئيس القصر ليس للسجن و لا للقبر
أما في 14 جانفي ورغم مغادرة بن علي البلاد في ظرف مشحون بالتوتر ، فلم تعرف البلاد الفراغ الدستوري بل تولٌى السلطة الوزير الأوٌل في حالة الشغور المؤقت ثم أنتهت الى رئيس مجلس النوٌاب بعد اعلان الشغور النهائي و لم يستمر غلق الأجواء التونسية إلا دقائق معدودة في سابقة أخرى تسجلها تونس في العالم.
و يموت الرئيس الباجي قايد السبسي فجأة بعد مرض لم يمهله طويلا فيبكيه التونسيون حتى الذين كانوا قبل دقائق من إعلان عودته الى المستشفى يهاجمونه و تنتقل رئاسة الدولة الى رئيس مجلس نوٌاب الشعب و يتحدد موعد الأنتخابات الرئاسية و تتواصل حياة التونسيين بنسق عادي بين البحر و الأعراس في أنتظار أنتهاء الحداد و عودة المهرجانات !
هذا قدر تونس في أنتقالها السياسي, المفجأة و السلمية رحم الله الباجي قايد السبسي و بناة الجمهورية الأبرار.