من يوم الى آخر يكتشف الشارع التونسي خطورة المشروع الذي تتبناه حركة النهضة على الإرث التونسي الفكري و الفني و المعمار فببساطة و دون تردد اختارت رئيسة بلدية تونس سعاد عبدالرحيم تغيير اسم ابن عربي بإسم صربيا في أحد أنهج العاصمة كما لم تتردد في محو الأعمال الفنية الجدارية التي أنجزها قبل عامين تقريبا عشرات الفنانين و طلبة الفنون الجميلة في مستوى قنطرة نهج القرش الأكبر.
ما قامت به سعاد عبدالرحيم في العاصمة حدث في غار الملح عندما تمٌت إزالة جزء من “القشلة” التي تعود الى العهد التركي كما تورطت بلدية المحمدية في هدم جزء من الحنايا في تعدي على المعمار التونسي و هو ما يترجم حقد الإسلاميين على الفن و الثقافة.
ففي 2012 أعتدوا على الفنانين في اليوم العالمي للمسرح و هشموا واجهة الفن الرٌابع و ألقوا البيض على المسرحيين و قبل ذلك هشموا واجهة قاعة سينما أفريكا و أعتدوا على يوسف الصديق و أحرقوا أضرحة و زوايا الأولياء الصالحين بكل ما تحمله من إرث روحي و معماري !
إن هذه القرارات التي تستهدف المعمار و الإرث الجمٌالي ليست معزولة بل تندرج في جوهر المشروع الذي يحمله الإسلاميون في كل مكان من العالم.
فقبل سنوات قامت حركة طالبان في أفغانستان بتحطيم أعمال فنية شاهدة على قرون من الحضارة الآنسانية كما دمٌرت داعش كل ما له صلة في سوريا و العراق و ليبيا بالفن و الحضارة من معالم و منحوتات و تماثيل شعراء و كتٌاب و مسارح !
إن موجة الرفض التي أبداها الفنانون و المثقفون لقرار إزالة الأعمال الفنية و سرعة رد الفعل و إعادة رسمها و رسم بورتريه لأبن عربي دليل على أن تونس بعمقها الأصلاحي ستبقى عصية عليهم رغم كل محاولات التشويه و المسخ التي يقومون بها كما تكشف عن حقيقة ما يدعونه من مراجعات فكرية بمشروعهم مازال قائما و نقطته الأساسية تدمير كل ما له صلة بالفن و الثقافة و خلق حالة من التصحٌر يسهل معها تغيير النمط الإجتماعي.